للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة: العلاقة بين المتمذهب والمخرِّج

يتعينُ قبلَ ذكرِ العلاقةِ بين المتمذهبِ والمخرّجِ، بيان المراد بهما:

تقدَّمَ لنا في المسألةِ الأُولى أنَّ المتمذهبَ هو: الذي يلتزمُ مذهبًا معينًا في الأصولِ والفروعِ، أو في أحدِهما، أو ينسبُ نفسَه إنْ كانَ مجتهدًا إلى مذهبٍ معيّنٍ.

أمَّا المخرِّجُ فتعريفُه مستفادٌ مِنْ تعريفِ التخريجِ؛ ولذا يمكنُ القولُ إنَّ المخرِّجَ، هو: المتمذهبُ الذي يُبينُ رأيَ إمامِ مذهبِه في مسألةٍ لم يردْ عنه فيها قولٌ، بإلحاقِها بما يشبهها مِن الفروعِ المنصوصةِ عنْ إمامِه، أو بتخريجِها على أصولِه (١).

ويُسمَّى المخرِّجُ بمجتهدِ المذهبِ (٢)، وبصاحبِ الوجوهِ والطرقِ (٣).

يقول ابنُ الصلاحِ: "تخريجُه تارةً يكونُ مِنْ نصٍّ معيَّنٍ لإمامِه في مسألةٍ معينةٍ، وتارةً لا يجدُ نصًّا معينًا يخرِّج منه، فيخرِّج على وِفقِ أصولِه، بأن يجدَ دليلًا مِنْ جنسِ ما يحتجُّ به إمامُه، وعلى شرطِه، فيُفتي بموجبِه" (٤).

ويقولُ البنانيُّ متحدثًا عن وظيفةِ المخرِّج: "معنى تخريجِ الوجوهِ على النصوصِ: استنباطُها منها، كأنْ يقيسَ ما سَكَتَ عنه على ما نصَّ عليه؛


(١) انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢٢)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٤)، وروضة الطالبين للنووي (١١/ ١٠١)، والمجموع شرح المهذب له (١/ ٤٣)، والبحر المحيط (٦/ ٢٠٥)، والتحبير (٨/ ٣٨٨١)، وشرح الكوكب المنير (٤/ ٤٦٨)، وأبو حنيفة - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٩٣، ٣٩٥)، وتخريج الفروع على الأصول لعثمان شوشان (١/ ٣٧٧ وما بعدها).
(٢) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٢٣٦).
(٣) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٥)، وصفة الفتوى (ص/ ٢٢)، وسيأتي تعريف الوجوه والطرق في فروع خاصة.
(٤) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>