للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوجودِ معنى ما نصَّ عليه فيما سَكَتَ عنه ... أو يستخرج حكمَ المسكوتِ عنه مِنْ دخولِه تحتَ عمومٍ ذَكَرَه، أو قاعدةٍ قررها ... وقد يستنبطُ أصحابُ الوجوهِ مِنْ نصوصِ الشارعِ، لكنْ يتقيدون في استنباطِهم منها بالجري على طريقِ إمامِهم في الاستدلالِ، ومراعاةِ قواعدِه وشروطِه فيه" (١).

أمَّا عن بيان العلاقةِ بين المتمذهبِ والمخرّجِ، فأقول: إنَّ كلًّا مِن المتمذهبِ والمخرّج يشتركانِ في الالتزامِ بمذهبِ إمامٍ معيّنٍ في أصولِه، أو فروعِه.

لكنَّ المخرِّجَ يتصفُ بأمورٍ تجعله أخص، فالمخرِّجُ متمذهبٌ يمارسُ وظيفةً معينةً، وهي: بيانُ رأي إمامِه في الحوادثِ التي لم يَرِدْ عنه قولٌ بشأنِها، فيخرِّج رأيًا لإمامِه، أخذًا ممَّا نصَّ عليه، أو بتخريجِ حكمِ النازلةِ على أصولِ مذهبِه.

فالمخرِّجُ داخلٌ تحتَ طبقةٍ مِنْ طبقاتِ المتمذهبين.

ثمَّ إنَّ المخرِّجَ يُوصفُ بالاجتهادِ المقيّدِ - الاجتهاد المذهبي - أمَّا المتمذهب، فلا يُشترطُ فيه بلوغُ رتبةِ الاجتهادِ المذهبي.

يقولُ إمامُ الحرمينِ الجويني: "الذي أحاطَ بقواعد مذهبِ الشافعي مثلًا، وقدربَ في مقاييسه، وتهذبَ في أنحاءِ نظرِه، وسبيلِ تصرفاتِه، يُنزلُ في الإلحاقِ بمنصوصاتِ الشافعي منزلةَ المجتهدِ الذي يتمكنُ بطُرق الظنونِ إلحاقَ غيرِ المنصوصِ عليه في الشرع بما هو منصوصٌ عليه" (٢).

وجُملةُ القولِ: إنَّ المخرِّجَ يُمثلُ قمةَ الهرمِ للمتمذهبين، والنسبةُ بينهما هي العمومُ والخصوصُ المطلقُ، فكلُّ مخرِّجٍ متمذهبٌ، دون العكسِ.

يقولُ أحمدُ الوزير: "مسألةُ التخريجِ تولدتْ مِن التمذهبِ، لمَّا استفحل


(١) حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٨٥ - ٣٨٦).
(٢) الغياثي (ص/ ٤٢٥ - ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>