للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شكَّ أنَّ في الكتبِ المؤلفةِ في المذاهبِ الفقهيةِ المتبوعةِ أقوالًا غيرَ معتمدةٍ عند أصحاب المذهبِ أنفسِهم، ومثلُ هذه الأقوالِ لا تجوز نسبتُها إلى المذهبِ، إلا مَع الإشارةِ إلى ضعفِها فيه.

وتمكن معرفةُ الأقوالِ التي لا يُعتمد عليها في المذهبِ بالاصطلاحاتِ الدارجةِ في المذهبِ، والتي يُعرفُ مِنْ خلالِها القولُ المعتمدُ مِنْ غيرِه (١)، وبالرجوعِ إلى الكتبِ المعتمدةِ في المذهبِ.

[المسألة الرابعة: صور الخطأ في نقل المذهب]

ليس كلُّ قولٍ وُجدَ منسوبًا إلى مذهبٍ مِن المذاهبِ، أو إلى إمامٍ مِن الأئمةِ تصحُّ نسبتُه إليهما، بلْ هناك شروطٌ للنقلِ - وقد سَبَقَ بيانُها - وهناك صورٌ عديدةٌ لنقلِ المذهبِ يَعْتريها الخطأ؛ لعدمِ اكتمالِ شروطِ النقلِ.

وسأعرضُ في هذه المسألةِ أهمَّ صور الخطأِ وأبرزِها، مردفًا كلّ صورة بمثالٍ ما أمكنني ذلك:

الصورة الأولى: أنْ يُنسبَ قولٌ إلى إمامِ المذهبِ، أو إلى مذهبه، والحالُ أنَّه لم يقلْ بهذا القول.

يوجدُ في بعضِ الكتبِ نسبةُ أقوالٍ إلى إمام المذهبِ، أو إلى مذهبِه، وتكون هذه النسبةُ نسبةً غيرَ صحيحةٍ.

وتُعدّ هذه الصورة مِن الصورِ الشائعةِ في الخطأ في نقلِ المذهبِ، ولذا تجدُ العلماءَ المحققين يُفنَّدون النسبةَ الخاطئةَ، ويبيّنونَ الصوابَ فيها.

يقولُ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية: "المنحرفون مِنْ أتباعِ الأئمةِ في الأصولِ والفروعِ ... انحرافهم أنواع: أحدها: قولٌ لم يقلْه الإمامُ، ولا أحدٌ مِن


(١) انظر: شرح عقود رسم المفتي لابن عابدين (ص/ ٤٤)، وأصول الإفتاء للعثماني (ص/ ٣٦٤ وما بعدها) مع شرحه المصباح في رسم المفتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>