للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعروفين مِنْ أصحابِه بالعلمِ" (١).

وقد تقدم في المسألةِ الثالثةِ التمثيلُ بخطأِ الحافظِ ابن عبد البرِ حين نسَبَ إلى الإمامِ أحمدَ القولَ باستحبابِ تكبيراتِ الانتقالِ.

الصورة الثانية: نسبةُ قولٍ إلى إمامِ المذهبِ لم يقلْه، وحقيقتُه أنَّه قولُ أحدِ أربابِ مذهبِه.

قد ينسبُ أحدٌ قولًا ما إلى إمامِ المذهبِ نفسِه، ويكون صوابُ النسبةِ أنَّه قولٌ لأحدِ أتباعِه (٢).

يقولُ ابنُ أبي العزَّ الحنفيُّ: "كثيرًا ما يكون ذلك النصّ - أيْ: نصّ الإمام - مِنْ كلامِ بعضِ الأصحاب في الفتاوى، ولم يكن لذلك الإمامِ في تلك المسألةِ قولٌ منقولٌ" (٣).

مثال ذلك: يقولُ أبو عبدِ الله المازري: "قد رأيتُ بعضَ مَنْ صنّف مسائل الخلافِ ذَكَرَ أنَّ مالكًا يقول: إذا انفضّوا عنه - أيْ: انفض المأمومون عن إمامِ الجمعة - بعدما صلَّى ركعةً بسجدتين أنَّها جمعةٌ ... ولم أقف لمالكٍ على هذا، ولعلَّ هذا الحاكي وَقَفَ على مذهبِ أشهب (٤)،


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٠/ ١٨٤).
(٢) انظر: المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد (١/ ١٢٢).
(٣) الاتباع (ص/ ٣١).
(٤) هو: أشهب - ويقال: اسمه مسكين، ولقبه أشهب - بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي العامري الجعدي المصري، أبو عمرو، يعرف بأشهب، ولد سنة ١٤٠ هـ وقيل: ١٥٠ هـ انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي بمصر بعد وفاة ابن القاسم، كان إمامًا علامةً فقيهًا نبيلًا كبير القدر، حسن الرأي والحجة، من محققي المالكية، قال عنه الإمام الشافعي: "ما أخرجت مصر أفقه من أشهب"، من مؤلفاته: كتاب في الفقه، رواه عنه سعيد بن حسان، توفي بمصر سنة ٢٠٤ هـ. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك للقاضي عياض (٣/ ٢٦٢)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (١/ ٢٣٨)، وتهذيب الكمال للمزى (٣/ ٢٩٦)، وسير أعلام النبلاء (٩/ ٥٠٠)، والديباج المذهب لابن فرحون (١/ ٣٠٧)، وشذرات الذهب لابن العماد (٣/ ٢٤)، وشجرة النور الزكية لمخلوف (١/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>