للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجرتْ بينهم المناظراتُ ... وأجْرِيتْ في سائر أبوابِ الفقهِ، وكان في هذه المناظرات: بيانُ مأخذِ هؤلاءِ الأئمةِ، ومثاراتُ اختلافِهم، ومواقعُ اجتهادِهم" (١).

ويقولُ الدكتورُ محمد الزحيلي: "ثمَّ تجددَ الخلافُ بين أتباعِ الأئمةِ والمذاهبِ ... واندفعَ العلماءُ في كل مذهبٍ يؤيدون أقوالَ إمامِهم، ويستدلونَ لها، ويدعّمونَ مذهبَه بالأدلةِ والحججِ والبراهين، وينافحون عن المذهب وإمامِ المذهب، ويُدلّلون على منهجِه في الاجتهاد، وقواعدِه في الاستنباطَ" (٢).

[العلاقة بين التمذهب والخلاف]

بعد أنْ كشفتُ عن المعنى اللغوي والاصطلاحي للخلافِ، أُبين العلاقةَ بين التمذهبِ والخلافِ الواقعِ بين أتباعِ المذاهبِ، فأقول: يجتمعُ التمذهبُ والخلافُ في: أنَّ كلًّا منهما أخذُ أقوالِ إمامِ مذهبٍ معيَّنٍ في الأصولِ، أو في الفروعِ.

ويفترق التمذهبُ عن الخلافِ في الآتي:

أولًا: التمذهبُ سابقٌ في الوجودِ على الخلافِ الواقعِ بين أربابِ المذاهب الفقهيةِ؛ إذ الخلافُ الواقعُ بين أرباب المذاهبِ الفقهيةِ أثرٌ مِنْ آثارِ التمَذهبِ، وتقدمَ لنا قبلَ قليلٍ كلامُ ابنِ خَلدَون.

ثانيًا: لا بُدَّ في الخلافِ مِنْ معرفةِ أدلةِ المذهبِ، وأقوالِ المخالفين، وأدلتِهم والجوابِ عنها، وهذا القدرُ غيرُ مشترطٍ في التمذهبِ.

وإذا أردنا معرفةَ النسبةِ بين التمذهبِ والخلاف، نجدُ أنَّهما يجتمعان في: المتمذهبِ الخلافي، فالشخصُ الذي يلتزمُ مذهبًا معيّنًا، ويستدلُّ لقولِ


(١) مقدمة ابن خلدون (٣/ ١٠٦٦ - ١٠٦٧)، بتصرف.
(٢) الإمام الجويني للدكتور محمد الزحيلي (ص/ ١٨٦)، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>