للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: التمذهب بغير المذاهب الأربعة]

تقدَّم لنا في المبحثِ السابقِ الحديثُ عن التمذهب بأحدِ المذاهبِ الفقهيةِ الأربعة، وقد ذكرتُ أنَّها التي كُتِبَ لها البقاءُ مِن الَمذاهبِ السنيةِ.

وقد وُجِدَت على مرِّ العصورِ مذاهبُ فقهية لم يُكْتَبْ لها البقاءُ، بل اندثرتْ (١)، ولم يبقَ مِنْ ذكرِها إلا ما دوّنه فقهاءُ المذاهب من أقوالِ أئمتها، وما نقلتُه بعض المصنفاتِ التي تُعْنَى بذكرِ أقوال السلفِ، وقد وُجِدَ لبعضِ أئمةِ هذه المذاهبِ مدوّناتٌ أسهمتْ في حفظِ أقوالِهم.

وقد وُجِدَ أيضًا مذاهبُ فقهية أخرى باقية إلى يومِنا هذا، لكنَّها تنتسبُ إلى بعض الفرقِ التي شاب اعتقادَها كثيرٌ مِن البدعِ (٢)، وهم بينَ مقلٍّ ومستكثرٍ.


(١) انظر: التشريع الإسلامي للدكتور عمر الجيدي (ص/ ٧٥).
(٢) تطلق البدعة في اللغة على معنين:
المعنى الأول: ابتداء الشيء وصنعه، لا عن مثال، ومنه قولهم: أَبْدَعْتُ الشيءَ فعلًا، أو قولًا، إذا ابتدأته لا عن سابق مثال.
المعنى الثاني: الانقطاع والكَلال، ومنه قولهم: أُبْدِعَت الراحلةُ، إذا كلَّت وعطبت. انظر: مقاييس اللغة، مادة: (بدع)، (١/ ٢٠٩ - ٢١٠)، والقاموس المحيط، مادة: (بدع)، (ص/ ٩٠٦).
أما البدعة في الاصطلاح: فقد عُرِّفت بعدة تعريفات، منها:
١ - تعريف أبي إسحاق الشاطبي في: الاعتصام (١/ ٤٧)، ذكر تعريفين للبدعة: التعريف الأول (على رأي من يرى أن البدعة تدخل العبادات والعادات): طريقةٌ في الدين مخترعةٌ، تضاهي الشريعة، يُقْصَد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية.
التعريف الثاني (على رأي من يرى اختصاص البدعة بالعبادات): طريقةٌ في الدين مخترعةٌ، تضاهي الشريعة، يُقْصَد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>