للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي، فهذا النكاحُ لا يقولُ بصحتِه أحدٌ مِن العلماءِ الذين قلَّدهم (١).

[المسألة الثانية: التلفيق بين أثر القول وقول آخر في مسألة وفروعها]

للتلفيقِ صورةٌ ثانيةٌ تختلفُ عن الصورةِ الأولى، وهي: أنْ يعملَ المكلَّفُ في مسألةٍ وفروعِها بقولِ أحدِ المجتهدين، ويكون لقولِه آثارٌ، ثمَّ يعملَ المكلَّفُ بقولِ مجتهدٍ آخر متصل بالمسألةِ وفروعِها، بحيثُ ينتهي المقامُ إلى تركيبِ كيفيةٍ لا يقولُ بصحتها أحدٌ مِن المجتهدين (٢).

مثال هذه الصورة: إذا تزوّجَ الرجلُ امرأةً بلا وليٍّ؛ أخذًا بالمذهبِ الحنفي، ثمَّ طلَّقَ الرجلُ زوجتَه بلفظٍ مِن الألفاظِ التي يكونُ الطلاق معها بائنًا بناءً على المذهبِ الحنفي، لكن الزوجَ أَخَذَ بالمذهبِ الشافعي الذي يجعلُ الطلاقَ طلاقًا رجعيًا (٣)، فهنا حَصَلَ تلفيقٌ بين أثرِ قولِ الإمامِ أبي حنيفة - في تصحيحِه النكاح بلا ولي - وقولِ الإمامِ الشافعي في عدمِ وقوعِ الطلاقِ بائنًا.

ويحسنُ قبلِ الانتهاءِ مِنْ هاتين المسألتين ذِكْرُ بعضِ الصورِ التي قد يظنُّ بعضُ الناظرين أنَّها مِن التلفيقِ، وليستْ منه:

الصورة الأولى: إذا عَمِلَ المكلَّفُ بالقولين على التعاقبِ، دونَ أنْ يكونَ للقولِ الأولِ أثرٌ، فإنَّ هذا لا يكون مِن التلفيقِ، بلْ رجوعًا عما عَمِلَ به (٤).


(١) انظر: تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين (١/ ١٠٩)، وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١١٤٣).
(٢) انظر: التلفيق بين أحكام المذاهب للسنهوري، مجلة البحوث الإسلامية بالأزهر (١/ ٧٧)، والاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٥٥٢).
(٣) انظر: التلفيق بين أحكام المذاهب للسنهوري، مجلة البحوث الإسلامية بالأزهر (١/ ٧٧)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ ٤٤٥).
(٤) انظر: المصدرين السابقين، والاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٥٥٣)، وتبصير النجباء للدكتور محمد الحفناوي (ص/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>