للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال هذه الصورة: إذا تزوّجَ الرجلُ امرأةً بلا وليٍّ؛ تقليدًا للإمامِ أبي حنيفةَ، ثمَّ طلَّقَ امرأتَه ثلاثًا، فعَمد إلى تقليدِ المذهبِ الشافعي في بطلانِ نكاحِه، وأنَّه لم يصادفْ محلًا، وعَقَدَ عليها عقدًا جديدًا، فإنَّه لا يكون عاملًا بالقولين معًا، بلْ عَملَ بالأولِ، ثمَّ رَجَعَ عنه، وعمل بالثاني (١).

الصورة الثانية: إذا عمل المكلَّفُ بالقولين معًا، لكن في حادثتين، فإن فعلَه لا يُعَدُّ تلفيقًا؛ لتعددِ النازلةِ (٢)، ولاختلافِ المحلِّ (٣).

ولهذه الصورة أمثلةٌ، منها:

المثال الأول: لو قلَّدَ المكلَّفُ الإمامَ أبا حنيفة في نكاحِ امرأةٍ بلا وليٍّ، وقلَّدَ الإمامَ الشافعي في نكاحِ امرأةٍ أخرى، هي بنته مِن الزنا (٤)، فإنَّ هذا لا يُسمّى تلفيقًا؛ إذْ لم يقع منه عملٌ اتفق الإمامانِ على بطلانِه، فهنا عملان:

أحدهما: نكاحُ امرأةٍ بلا ولي.

والثاني: نكاحُ امرأةٍ أخرى هي بنته مِن الزنا.

وأيضًا: فإن المكلَّفَ قد وافق كلَّ مَن قلَّده موافقةً كاملةً (٥).

المثال الثاني: إذا طلَّق الرجلُ امرأتَه ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ، فأفتاه مفتٍ بأنَّ زوجتَه بانتْ منه بينونةً كبرى، فأمضى الزوجُ ذلك، وفارقها، ثم طلَّق الزوجُ زوجةً أخرى ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ، فأفتاه مفتٍ آخر بأنَّه طلاقٌ رجعي،


(١) انظر التلفيق بين أحكام المذاهب لمحمد السنهوري، مجلة البحوث الإسلامية بالأزهر (١/ ٧٧).
(٢) انظر: المصدر السابق، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ ٤٤٥)، والاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٥٥٣)، وتبصير النجباء للدكتور محمد الحفناوي (ص/ ٢٦٦).
(٣) انظر: دراسات في الاجتهاد للدكتور عبد المجيد السوسوة (ص/ ١٠٥).
(٤) انظر: فتاوى الرملي (٤/ ٣٨٩).
(٥) انظر: دراسات في الاجتهاد للدكتور عبد المجيد السوسوة (ص/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>