للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداثَ مذهبٍ زائدٍ بحيث يكونُ لفروعِه أصولٌ وقواعد مباينة لسائرِ قواعد المتقدمين، متعذرُ الوجودِ؛ لاستيعابِ المتقدمين سائر الأساليبِ" (١).

ويقول الشيخُ محمدٌ بخيت المطيعي: "المجتهدُ المطلقُ الذي يُنْشِئُ مذهبًا خارجًا عن جميعِ مذاهبِ مَنْ تقدمه مِنْ المجتهدين في الأصولِ والفروعِ، وذلك متعذرٌ، بلا شبهةٍ" (٢).

ولهذا نصَّ غيرُ واحدٍ على طيِّ بساطِ الاجتهادِ المستقلِّ، كما تقدمت الإشارةُ قبلَ قليلٍ.

الصورة الثانية: أنْ لا يكوِّن لنفسِه أصولًا وقواعد مخالفةً لما استقرتْ عليه أصول المذاهب، بلْ يسيرُ على الأصولِ المدوّنة، لكنّه يأخذ بما ترجَّحَ عنده منها، دونَ التزامِ أصولِ مذهبٍ معيَّنٍ.

الذي يظهرُ لي في هذه الصورة هو الجواز، بشرطِ: أنْ لا يدَّعي لنفسِه مذهبًا قائمًا بأصولِه وقواعده الخاصةِ؛ وذلك لانتفاءِ المحذورِ، وهو الإتيانُ بأصول جديدةٍ غيرِ مسبوقٍ إليها.

وأمَّا اشتراط أنْ لا يدَّعي لنفسِه مذهبًا قائمًا؛ فلخلوِّ هذه الدعوى عن حقيقتِها، وهي الإتيان بمذهبٍ جديدٍ.

[المسألة الثانية: الانتقال عن التمذهب إلى الاجتهاد المنتسب]

مِنْ المعلومِ أنَّ حقيقةَ التمذهبِ، وهي الالتزامُ، تنافي الاجتهادَ؛ إذ مبنى الاجتهادِ على بذلِ الجهدِ للوصولِ إلى الحكمِ الشرعي عنِ طريقِ الأدلةِ، وكما ذكرتُ مِنْ قبلُ أنَّ التمذهبَ قد يصلُ بالمتمذهبِ إلى درجةِ الاجتهادِ المطلق المنتسبِ، فما حكم انتقالِ المتمذهبِ إلى هذه الدرجةِ؟


(١) نقل كلامَ ابن المنيِّر الزركشيُّ في: البحر المحيط (٦/ ٢٨٥)، والسيوطي في: الرد على من أخلد إلى الأرض (ص/ ٩٣ - ٩٤).
(٢) إرشاد أهل الملة (ص/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>