ولقد اهتمَّ بعلمِ أصولِ الفقه كثير مِن العلماءِ السابقين واللاحقين، وتوجَّهَتْ عنايةُ كثيرٍ مِن الباحثين إلى الكتابةِ في مسائله، فكتبوا بحوثًا عديدةً، وحققوا مِنْ مصادرِه كتبًا مهمةً.
وقد أكرمني الله تعالى فَتَفَضَّل عليَّ، فَجَعَلَنِي أحدَ السالكين طريقَ العلمِ الشرعي، ونَظَمَنِي في سِلكِ أرباب المتعلمين لعلمِ أصولِ الفقهِ، وبعد حصولي - بحمدِ الله وتوفيقِه - على دَرجةِ الماجستيرِ في أصولِ الفقهِ، سارعتُ في الالتحاقِ ببرنامجِ الدكتوراه، وبعد إنهائي للفصلِ التمهيدي للبرنامجِ، صرتُ أتأمّلُ عددًا مِن الموضوعات التي يمكن أنْ أتقدمَ بها لتسجيلها، وكنتُ حريصًا على تلمُّسِ موضوعٍ ذي حيويةٍ وأصالةٍ، وبَعْدَ نظرٍ وتأمّلٍ وَقَعَ اختياري على موضوعِ:(التمذهب - دراسة نظرية نقدية)، ليكونَ ميدانًا لبحثي في مرحلةِ الدكتوراه، فتمّت الموافقةُ بحمدِ الله تعالى على تسجيلِه، ويسَّر اللهُ سبحانه وتعالى لي الكتابةَ فيه.
[أهمية الموضوع]
تتمثّلُ أهميةُ الموضوعِ في أمورٍ، منها:
أولًا: صلة موضوعِ التمذهبِ بأبوابِ الاجتهادِ والتقليدِ على وجه الخصوصِ؛ ولا يخفى ما لهذه الأبواب مِنْ كبيرِ أهميةٍ في مجالِ الدراساتِ الأصوليةِ.
ثانيًا: أنَّ التمذهبَ بأحدِ المذاهبِ الفقهيةِ المتبوعة هو ما استقرّتْ عليه صورة الاجتهادِ والتقليدِ المذهبيين في قرون متتابعةٍ.
ثالثًا: ارتباطُ التمذهبِ وصلتُه الوثيقةُ بطريقةِ التكوينِ العلمي، وكيفيةِ الترقي في طلبِ العلمِ الشرعي؛ إذ تلقي الفقه وأصوله، والبروزُ فيهما يعتمدُ على التأسيسِ في ضوءِ مذهب فقهي معيَّنٍ.
(١) نقل كلامَ ابن دقيق العيد بدرُ الدين الزركشي في فاتحة كتابه: البحر المحيط (١/ ٨).