للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحمدُ لله الذي أنقذنا بنورِ العلمِ مِنْ ظلماتِ الجهالةِ، وهدانا بالاستبصارِ به عن الوقوعِ في عَمَايةِ الضّلالةِ، ونَصبَ لنا مِنْ شريعةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - أعلى عَلَمٍ، وأَوْضَحَ دلالةٍ، وكان ذلك أفضلَ ما منَّ به مِن النّعَمِ الجزيلةِ، والمنَحِ الجليلةِ، وأَنَالَه.

أحمدُه سبحانه، والحمدُ نعمةٌ منه مستفادةٌ، وأشكرُ له، والشكرُ أولُ الزيادةِ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، الملكُ الحقُّ المُبِين، خالقُ الخلقِ أجمعين، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وحبيبُه وخليلُه، الصادقُ الأمينُ، والمبعوث رحمةً للعالمين، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا (١)، أمَّا بعدُ:

فإنَّ الاشتغالَ بالعلمِ مِنْ أجلِّ القرباتِ، وأعظمِ الطاعاتِ، ومِن المعلومِ أنَّ مِنْ أشرفِ العلومِ ما كان سبيلًا إلى معرفةِ حُكمِ الله تعالى.

ولا يخفى على الدارسِ لعلومِ الشريعةِ ما لعلمِ أصولِ الفقهِ مِنْ قدرٍ كبيرٍ، وأثرٍ بليغٍ؛ إذ هو قاعدةُ الأحكامِ الشرعيةِ، وأساسُ الفروعِ الفقهيةِ (٢)، ومأوى الأئمةِ، وملجأ المجتهدين، يقولُ ابنُ دقيق العيد (٣) عنه:


(١) اقتبستُ افتتاحيتي من مقدمة أبي إسحاق الشاطبي لكتابه: الموافقات (١/ ٣ - ٦).
(٢) انظر: نهاية السول (١/ ٤).
(٣) هو: محمد بن علي بن وهب بن مطيع المنفلوطي الصعيدي، أبو الفتح تقي الدين، ويُعْرَف بابن دقيق العيد، وبالقشيري، ولد بينبع سنة ٦٢٥ هـ وهو أحد كبار العلماء، اشتغل بالمذهبين: المالكي والشافعي، صاحب خبرة تامة بعلوم الشريعة، وثناءُ العلماء عليه مستفيض، كان متقنًا للفقه والأصول والحديث، بصيرًا بالمنقول والمعقول، زاهدًا ورعًا ناسكًا، تولى قضاء الشافعية بالديار المصرية، من مؤلفاته: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، والإلمام بأحاديث الأحكام، والإمام في معرفة أحاديث الأحكام، والاقتراح في بيان الاصطلاح، توفي بالقاهرة سنة ٧٠٢ هـ. انظر ترجمته في: الوافي بالوفيات للصفدي (٤/ ١٩٣)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (٤/ ١٤٨١)، والطالع السعيد للإدفوي (ص/ ٥٦٧)، وفوات الوفيات لابن شاكر (٢/ ٤٨٤)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٩/ ٢٠٧)، وطبقات الشافعية للإسنوي (٢/ ٢٢٧)، والديباج المذهب لابن فرحون (٢/ ٣١٨) والدرر الكامنة لابن حجر (٤/ ٢٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>