للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمِهم بعد موتِهم، فقد قالَ الشعبيُّ (١) لإبراهيمَ النخعي: "أَمَا إنِّي أفقه منك حيًّا، وأنتَ أفقهُ منّي مَيْتًا؛ وذاك أنَّ لك أصحابًا يلزمونك، فيُحْيون علمَك" (٢).

وممَّا يشهدُ لأهميةِ وجودِ التلاميذِ في حفظِ أقوالِ المجتهدِ والعنايةِ بها:

- ما قاله الإمامُ الشافعيُّ عن الليثِ بنِ سعدٍ (٣): "الليثُ بنُ سعدٍ أفقهُ مِنْ مالكٍ! إلا أنَّ أصحابَه لم يقوموا به" (٤).

- وما قاله أحدُ معاصري تلامذة الإمامِ الأوزاعي (٥): "ما لكم لا


(١) هو: عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الهمداني، أبو عمر الشعبي، ولد سنة ٢٠ هـ وقيل ٢١ هـ سمع من عدد من كبار صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم: سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -، كان من أفقه أهل زمانه، علامةً حجةً، قال ابنُ سيرين لأبي بكر الهذلي: "الزم الشعبي؛ فلقد رأيته يُستفتى وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكوفة"، توفي سنة ١٠٤ هـ وقيل: ١٠٧ هـ. انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (٨/ ٣٦٥)، وأخبار القضاة لوكيع (٢/ ٤١٣)، وتاريخ مدينة السلام للخطيب (١٤/ ١٤٣)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ ٧٨)، وسير أعلام النبلاء (٤/ ٢٩٤).
(٢) نقل كلامَ الشعبي شمسُ الدين الذهبيُّ في: سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٢٦).
(٣) هو: الليث بن سعد بن عبد الرحمن، أبو الحارث المصري، ولد بقلقشندة سنة ٩٢ هـ وقيل: ٩٤ هـ كان فقيه النفس، إمامَ أهل مصر، ثقةً ثبتًا كثير الحديث، يحفظ الشعر، وقد اشتغل بالفتوى في مصر، وهو من الكرماء الأجواد النبلاء، توفي سنة ١٧٥ هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (١٤/ ٥٢٤)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٤/ ١٢٧)، وتهذيب الكمال للمزي (٢٤/ ٢٥٥)، والكاشف للذهبي (٣/ ١٣)، وسير أعلام النبلاء (٨/ ١٣٦)، والجواهر المضية للقرشي (٢/ ٧٢٠)، وحسن المحاضرة للسيوطي (١/ ٢٧٨).
(٤) نقل قولَ الإمام الشافعي: ابنُ خلكان في: وفيات الأعيان (٤/ ١٢٧)، وشمسُ الدين الذهبيُّ في: سير أعلام النبلاء (٨/ ١٥٦)، وتقيُّ الدين بن تيمية في: مجموع الفتاوى (٤/ ١٧٨).
ويقول الشيخ محمد الخضري في: تاريخ التشريع (ص/ ٣٢٩) مُوْضِحًا كلامَ الإمام الشافعي: "ومعنى عدم قيامهم به: أنَّهم لم يُعنوا بتدوين آرائه، وبثّها في الجمهور، كما قاموا هم أنفسهم بتدوين آراء مالك". وانظر: مقدمة محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ ٢٠)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ ٩٧)، والفتوى - نشأتها وتطورها للدكتور حسين الملاح (ص/ ٢٧٩).
(٥) القائل: سعيد بن عبد العزيز. والأوزاعي هو: عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الشامي الأوزاعي، أبو عمرو، ولد ببعلبك سنة ٨٨ هـ وقيل: ٩٣ هـ كان إمام أهل الشام في زمانه في =

<<  <  ج: ص:  >  >>