للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجتمعون؟ ! ما لكم لا تتذاكرون؟ ! " (١).

ويقولُ الشيخُ محمدٌ الخضري: "وقد وُفّقَ هؤلاءِ الأئمةُ المشهورون الذين بقيتْ مذاهبُهم إلى أنْ يكونَ لهم أرفعُ التلاميذ شَأنًا، وأَبْيَنُهم حجةً، وأعلاهم كعبًا في نظرِ شعوبِهم وملوكِهم، فدوَّنوا ما تلقّوه عن إمامِهم مِن الأحكامِ، وأَخَذَهَا عنهم العددُ الكثيرُ مِنْ تلاميذِهم، فبثّوها بين الناسِ الذين اتَّبعوها؛ ثقةً منهم بمَنْ يفتيهم ... " (٢).

وقد أدركَ بعضُ الأئمةِ ما لتلامذتِهم مِنْ جهدٍ في إظهارِ أقوالِهم، فها هو الإمامُ الشافعيُّ يقولُ عن تلميذِه المزني: "المزنيُّ ناصرُ مذهبي" (٣).

ومِن الأهميةِ بمكانٍ أنْ يكونَ التلاميذُ نجباءَ؛ إذ إن التلميذَ غيرَ النجيبِ، وغيرَ القوي في العلمِ غيرُ كافٍ في نشرِ المذهبِ والسعي في بقائِه.

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة عن سببِ عدمِ بقاءِ مذاهب بعض المجتهدين: "إنَّه لم يكنْ له تلاميذُ أقوياء ينشرون في الأقاليم آراءَهم (٤)، ويخدمونها بالتدوينِ أو الفحصِ والجمعِ والروايةِ ... " (٥).

ووجودُ العلماءِ المحققين المتمذهبين الذين لهم إسهامٌ وبروزٌ في الفقهِ


= الحديث والفقه، وجمع بين العلم والعبادة والتواضع، حتى قيل عنه: عالم الأمة، قال عنه عبد الرحمن بن مهدي: "ما كان أحد بالشام أعلم بالسنة من الأوزاعي"، توفي ببيروت سنة ١٥٧ هـ مرابطًا. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري (٥/ ٣٢٦)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ ٧١)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٣/ ١٢٧)، وسير أعلام النبلاء (٧/ ١٠٧)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (٢/ ٥٣٧).
(١) تاريخ أبي زُرعة الرازي (١/ ٣٦١).
(٢) تاريخ التشريع الإسلامي (ص/ ٣٢٦).
(٣) نقل قولَ الإمام الشافعي شمسُ الدين الذهبي في: العبر في خبر من غبر (١/ ٣٧٩)، وتاجُ الدين بن السبكي في: طبقات الشافعية الكبرى (٢/ ٩٤)، وابنُ كثيرٍ في: طبقات الشافعية (١/ ١٣٠).
(٤) لعل الصواب: "آراءه".
(٥) تقديم محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>