للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتقليدِ - فللحديثِ عنه مسألةٌ مستقلةٌ، وهي: (حكمُ التمذهب بأحدِ المذاهبِ الأربعةِ).

لقد وُجِدَ عددٌ مِن العلماءِ المتمذهبين في القرنِ الثالثِ الهجري، وكان منهم متحمسون لمذهبِهم، فسعوا في نشرِه في الإقليم الذي يقطنونه (١).

يقولُ شاه ولي الله الدهلوي: "وبعد المائتين ظَهَرَ فيهم - أي: في العلماء - التمذهبُ للمجتهدين بأعيانِهم، وقلَّ مَنْ كانَ لا يعتمدُ على مذهبِ مجتهدٍ بعينِه، وكان هذا هو الواجب في ذلك الزمانِ" (٢).

بلْ قد وُجد بعضُ المتمذهبين في أواخر القرن الثاني الهجري، يدلُّ على ذلك أمورٌ، منها:

- ما ذُكِرَ أنَّ أحدَ أمراءِ الأندلس (٣) أَخَذَ جميعَ الناس بإلزامِهم بمذهب الإمام مالكٍ، وصيَّر القضاءَ والفتيا عليه، وكان ذلك في عشرِ السبعيَن ومائةٍ مِن الهجرةِ، وكان حالَ حياةِ الإمامِ مالك، وقريبًا من موته (٤)، وكان أهلُ الأندلسِ قبلَ تمذهبِهم بمذهب الإمام مالكٍ على مذهب الإمامِ الأوزاعي! (٥).


(١) انظر: العبر في خبر من غبر للذهبي (١/ ٣٧٩)، وسير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٠١)، وطبقات الشافعية لابن كثير (١/ ٢٢٥)، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن فاضي شهبة (١/ ٤٧).
(٢) الإنصاف في بيان سبب الاختلاف (ص/ ٢٩). وانظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ١٤٦).
(٣) هو: هشام بن عبد الرحمن بن معاوية.
(٤) انظر: المعيار المعرب للونشريسي (٦/ ٣٥٦)، ونيل الابتهاج للتنبكي (ص/ ٢٩٤)، ومالك - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٦٦)، والمدرسة المالكية الأندلسية لمصطفى الهروس (ص/ ٣٥ وما بعدها)، والمدرسة الظاهرية للدكتور توفيق الإدريسي (ص/ ٩٥).
ويقول محمد الحميدي في: جذوة المقتبس (ص/ ٣١٤) عن زياد بن عبد الرحمن (ت: ١٩٣ هـ): "وهو أول مَنْ أدخل الأندلس فقه مالك بن أنس، وكانوا قبل ذلك على مذهب الأوزاعي". وانظر: الحياة العلمية في عصر الخلافة في الأندلس للدكتور سعد البشري (ص/ ٣٦ وما بعدها).
ويقول محمد مخلوف في: شجرة النور الزكية (ص/ ٤٤٩) عن مذهب الإمام مالك: "ومذهبه ظهر بالمدينة المنورة، ثم انتشر في حياته، وبعد وفاته في أقاليم كثيرة، وأقطار متعددة ... ".
(٥) انظر: نفح الطيب للمقري (٢/ ٢٦١)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (٣/ ٦٥)، والإمام الأوزاعي لعبد الستار الشيخ (ص/ ٢٦٥ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>