للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمامِ أحمدَ في المذهبِ الحنبلي، فيُنْقَل عنه في المسألةِ الواحدةِ عدّةُ رواياتٍ): فهناك فرقٌ بين ما صَنَعَه الإمامُ الشافعي، وما جاءَ عن الإمامِ أحمدَ مِن تعددِ الروياتِ، فإنَّ تعددَ الرواياتِ يَقَعُ لكثيرٍ مِن الأئمةِ المجتهدين، فليس مختصًا بالإمامِ أحمدَ وحده (١).

ومِنْ جهةٍ أخرى: فإنَّ الإمامَ أحمدَ لم يقلْ بما جاءَ عنه مِن الرواياتِ في وقتٍ واحدٍ، وإنما قالها في أوقات مختلفةٍ (٢)، وهذا لا تناقضَ فيه (٣).

وأيضًا: فإنَّا نقطعُ بأنَّ القولينِ اللذينِ ذكرهما الإمامُ الشافعي قد نصَّ عليهما، أمَّا في اختلافِ الرواياتِ، فقد يكون مردُّ اختلافِها عن الإمامِ إلى الناقلِ لها؛ فقد يغلطُ في سماعِه، أو يخطئُ في فهمِه، وقد يقولُ الإمامُ بقولٍ، ثم يرجعُ عنه إلى قولٍ آخر، ولا يعلمُ الناقلُ رجوعَ إمامِه (٤).

فنظيرُ اختلافِ الروياتِ عن الإمامِ أحمدَ - في الجملةِ - هو اختلافُ القولِ القديمِ والقولِ الجديدِ عن الإمامِ الشافعي.

القسم الثاني: أنْ يقولَ إمامُ المذهب بقولين مختلفين في مسألة واحدة، في وقتين.

إذا نُقِلَ عن أحدِ الأئمةِ قولانِ أو أكثر في وقتينِ مختلفينِ، فهذا أمرٌ سائغٌ (٥) - ومحلُّ الحديثِ عن الترجيحِ بين القولين في المطلبِ القادمِ -


(١) انظر: العدة (٥/ ١٦١٦).
(٢) انظر: المصدر السابق (٥/ ١٦١٦ - ١٦١٧)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٣٤).
(٣) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢٤).
(٤) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٢٩)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٣٤)، وتيسير التحير (٤/ ٢٣٥)، وفواتح الرحموت (٢/ ٣٩٤)، وشرح عقود رسم المفتي لابن عابدين (ص/ ٧٤ - ٧٥)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير (١/ ٢٦)، وسلم الوصول لمحمد المطيعي (٤/ ٤٤١)، وأبو حنيفة - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٩٠)، وأصول الفقه للدكتور بدران أبو العينين (ص/ ٤٨٥)، والاجتهاد للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٤٢٧)، ونظرية الأخذ بما جرى به العمل لعبد السلام العسري (ص/ ٣٢ - ٣٣).
(٥) انظر: فرائد الفوائد للسلمي (ص/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>