للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذا الحدِّ، بلْ تجاوزه إِلى مخالفةِ نصِّ إِمامِ المذهبِ بالنقلِ والتخريجِ، في حين أنَّ خلافَ العلماءِ في مسألةِ: (القياس على قول إِمام المذهب) خلافٌ مشهورٌ، والقولُ بالمنعِ - عند عدم النصِّ على العلةِ - قولٌ قويٌّ.

ويشهد لما قلته آنفًا:

- ما ذكره ابنُ حمدان بقولِه: "يجوزُ له - أي: للمخرِّج - أنْ يفتي فيما لم يجدْه مِنْ أحكامِ الوقائعِ منصوصًا عليها عن إِمامِه لما يخرِّجه على مذهبِه، وعلى هذا العملُ لا (١).

- وما قاله ابنُ عرفة حين ردَّ على مَنْ مَنَعَ تخريجَ النازلة على الفروع: "إِذا كانَ حكمُ النازلةِ غيرَ منصوصٍ عليه، ولم يجز للمقلِّد المولَّى (٢) - أي: المولَّى القضاء - القياسُ على قولِ مقلَّدِه في نازلة أخرى: تعطلت الأحكامُ، وبأنَّه - أيْ: عدم تخريجِ النازلةِ على الفروعِ - خلافُ عملِ متقدمي أهلِ المذهبِ" (٣).

- وما قاله المرداويُّ عن النقلِ والتخريجِ عند الحنابلةِ: "كثيرٌ مِن الأصحاب متقدميهم، ومتأخريهم على جوازِ النقلِ والتخريجِ، وهو كثيرٌ في كلامِهم في المختصراتِ والمطولاتِ" (٤).

وكان للمذاهب الفقهيةِ اصطلاحُها الَّذي يخصّها في تسميةِ الحكمِ الَّذي توصلَ إِليه المخَرِّجُ عن طريقِ تخريجِ حكمِ النازلةِ على فروعِ مذهبِه، وقد سَبَقَ بيانُ هذا الأمر في: مصطلحاتِ نقلِ المذهبِ.

ولقد بالغَ بعضُ المتمذهبين في معالجةِ النوازلِ بالتخريجِ على فروعِ المذهبِ دونَ اهتمامٍ بمحاولةِ طلبِ حكمِها مِن الأدلةِ الشرعيةِ وفق أصولِ


(١) صفة الفتوى (ص/ ١٩).
(٢) ذكر ابن عرفة - كما نقل كلامَه الحطابُ في: مواهب الجليل (٦/ ٩٣) - أنَّ ما قاله في القضاء يطَّرد في الفتيا.
(٣) نقل الحطابُ كلامَ ابن عرفة في: المصدر السابق (٦/ ٩٢).
(٤) الإِنصاف (١/ ٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>