للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولُ أيضًا: "فانظرْ أيّها المنصفُ: ما حَدَثَ بسببِ بدعةِ التقليدِ مِن البلايا الدينيةِ، والرزايا الشيطانيةِ، فإنَّ هذه المقالةَ بخصوصِها، أعني: انسدادَ بابِ الاجتهادِ، لو لم يحدثْ مِنْ مفاسدِ التقليدِ إلا هي، لكان فيها كفايةٌ ونهايةٌ ... " (١).

وإنْ كان في كلامِ الشوكاني كثيرٌ مِن التحاملِ على مخالفيه، إلا أنَّه يُبينُ تأثيرَ التمذهبِ في القولِ بإغلاقِ بابِ الاجتهادِ.

ولقد وَقَفَ كثيرٌ مِن المتمذهبين بالمرصادِ أمام مَنْ يدّعى بلوغَ رتبةِ الاجتهادِ، ونالَ كثيرًا مِن العلماءِ كثيرٌ مِن الأذى؛ بسببِ دعوتِهم للنظرِ في الكتابِ والسنةِ، وعدمِ الجمودِ على المذهبِ (٢).

ويقولُ الشوكانيّ أيضًا: "وما زال هذا - أي: محاربة مَنْ يدعي الاجتهاد - دَأَبَ الناسِ مع مَنْ بَلَغَ إلى تلك الرتبةِ" (٣).

ويبيّن الشوكانيُّ (ت: ١٢٥٠ هـ) في موضعٍ آخر حالةَ الناس في قُطْرِه مع مَنْ يدّعي الاجتهاد، فيقول: "إذا سمعوا برجلٍ يدّعي الاجتهادَ ... قاموا عليه قيامًا تبكي عليه عيونُ أهلِ الإسلامِ، واستحلوا منه ما لا يستحلونه مِنْ أهلِ الذمةِ! مِن الطعنِ واللعنِ والتفسيقِ والتكفيرِ! ... " (٤).

ومِنْ أمثلة محاربة مَنْ يدّعي الاجتهاد المطلق: ما جرى لجلالِ الدينِ السيوطي حين ادّعى بلوغَ رتبةِ الاجتهادِ، فقام عليه معاصروه، ورموه عن


(١) القول المفيد في حكم التقليد (ص/ ١٤٣). وانظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص/ ٣٨٧).
(٢) انظر: أدب الطلب للشوكاني (ص/ ١٣٩)، وآثار اختلاف الفقهاء لأحمد الأنصاري (ص/ ٢٩٩)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عمر الأشقر (ص/ ١٦٩)، والمدخل إلى الشريعة والفقه له (ص/ ٣١٣)، والوسيط في تاريخ التشريع للدكتور أحمد الشرقاوي (ص/ ٢٥٢)، وتاريخ التشريع للدكتور أحمد العليان (ص/ ٢٧٧).
(٣) البدر الطالع (ص/ ٣٤٢). وانظر: أدب الطلب للشوكاني (ص/ ٩٥).
(٤) القول المفيد في حكم التقليد (ص/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>