للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تعريفُ بدرِ الدِّينِ الزركشي (١).

واعُترض على تعريفه بأنَّه غيرُ مانعٍ؛ لإطلاقِ لفظِ: (الأحكام)؛ إذ لم يقيّدْها بالشرعيةِ، فيدخلُ في التعريفِ غيرُ الأحكامِ الشرعيةِ، كالأحكامِ العقليةِ والنحويةِ، ونحوِهما (٢).

وإذا عَلِمنا أنَّ الفقيهَ عند الأصوليين هو المجتهدُ (٣)، فإنَّ ما ذكره علماءُ أصولِ الفقهِ عند تعريفِهم للفقيه، صادقٌ على تعريفِ المجتهدِ (٤).

ومِنْ خلالِ ما سبقَ: يُمكنُ القولُ بأنَّ التعريفَ الثاني هو أقربُ التعريفاتِ إلى الصوابِ، ولا سيما أنَّه ينصُّ على أنَّ المجتهدَ لا يتقيّدُ بمذهبِ أحدٍ، وهو قيدٌ مهمٌ؛ لإخراجِ مَنْ عدا المجتهد المستقل.

وأنبّه إلى عدةِ أمورٍ:

الأمر الأول: المرادُ بالمجتهدِ هنا: المجتهدُ المستقلُّ بأصولِه وفروعِه.

الأمر الثاني: قد يكونُ للمجتهدِ أتباعٌ ينصرون مذهبَه في الأصولِ وفي الفروعِ، وقد لا يكون له أتباعٌ.

الأمر الثالث: تُوجدُ حقيقةُ التمذهبِ في حالةِ وجودِ أتباعٍ للمجتهدِ، ولفظ: (الإمام) دالٌّ على وجودِ مَنْ يسيرُ على دربِ المجتهدِ؛ إذ الإمامُ كلُّ مَنْ يُؤتمُّ به (٥).


(١) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٩٩).
(٢) انظر: اجتهاد الخلفاء الراشدين للعبيدي (ص/ ٢٩).
(٣) انظر: تشنيف المسامع (٤/ ٥٦٤)، والتحبير (٨/ ٣٨٦٧)، والتقرير والتحبير (٤/ ٢٩١)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ١١٥)، ومنار أصول الفتوى للقاني (ص/ ١٩٣)، وإجابة السائل للصنعاني (ص/ ٣٨٣).
(٤) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٥/ ٦٩٧)، وصفة الفتوى (ص/ ١٤)، والتحبير (٨/ ٣٨٦٧).
(٥) انظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم (١/ ٤٨٨) ط/ ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>