للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتعلّقُ به دلالةُ الحديثِ النبوي على الحكمِ، ويُسَمَّى معرفة السنة دِرَايةً.

فتُشترط معرفةُ المجتهدِ للسنةِ النبويةِ: روايةً، ودِرَايةً.

أولًا: معرفةُ السنةِ النبويةِ روايةً.

مِن المعلومِ أنَّ السنةَ النبويةَ متى ما كانت ثابتةً، فهي حجةٌ (١)؛ ولذا فإنَّ المجتهدَ يحتاجُ إلى التمييزِ بين السننِ والأحاديثِ صحةً وضعفًا (٢).

وحتى يُحقق المجتهدُ هذه الوظيفةَ، لا بُدَّ له مِنْ معرفةِ أحوالِ الرواةِ، فيعرف الرواةَ الذين تُقبل روايتهمٍ، والرواةَ الذين تُرَدُّ روايتهم؛ ليتمكنَ مِن الحكمِ على الحديثِ صحةً وضعفًا (٣).

ولا يُشترطُ أنْ يكونَ حافظًا لأحوالِ الرواةِ عنْ ظهرِ قلبٍ، بل المعتبرُ أنْ يتمكنَ مِنْ معرفةِ حالِ الراوي بالنظرِ في كتبِ الرجالِ، متى احتاجَ إلى تحقيقِ الحكمِ على أيِّ حديثٍ (٤).

ولا يُشترطُ أيضًا: أنْ يبلغَ في معرفةِ الأسانيدِ، وأحوالِ الرجالِ درجةَ أئمة الحديث، كابنِ معينٍ (٥) وسفيانَ الثوري (٦) والبخاري ومسلمٍ وغيرِهم،


(١) انظر: المستصفى (٢/ ٣٨٧).
(٢) انظر: البرهان (٢/ ٨٧٠)، والمستصفى (٢/ ٣٨٧).
(٣) انظر: إرشاد الفحول (٢/ ١٠٣٠).
(٤) انظر: المصدر السابق.
(٥) هو: يحيى بن معين بن عون بن زياد، وقيل: ابن معين بن غياث، أبو زكريا البغدادي، ولد سنة ١٥٨ هـ كان إمامًا ربانيًا عالمًا حافظًا ثبتًا متقنًا جهبذًا، شيخ المحدثين، قال الإمام أحمد: "كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين، فليس بحديث"، وقال علي بن المديني: "انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين"، كانت وفاته سنة ٢٣٣ هـ ودفن بالبقيع. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (١٦/ ٢٦٣)، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (٢/ ٥٣٠)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٦/ ١٣٩)، وتهذيب الكمال للمزى (٣١/ ٥٤٣)، وسير أعلام النبلاء (١١/ ٧١)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (٤/ ٣٨٩)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (٣/ ١٠٣)، والمنهج الأحمد للعليمي (١/ ١٧٧)، وشذرات الذهب لابن العماد (٣/ ١٥٥).
(٦) هو: سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ولد بالكوفة سنة ٩٥ هـ =

<<  <  ج: ص:  >  >>