للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بألفاظِها، وإنْ كان حفظُها أحسنَ وأتمَّ.

وممَّنْ نصَّ على عدمِ اشتراطِ الحفظِ: أبو حامدٍ الغزالي (١)، والفخرُ الرازي (٢)، وعبد العزيز البخاري (٣)، وتاجُ الدين بنُ السبكي (٤)، وجمالُ الدين الإسنوي (٥)، والشوكانيُّ (٦).

يقولُ بدرُ الدّينِ الزركشي: "ظاهرُ كلامِهم - أيْ: كلام العلماء - أنَّه لا يُشترطُ حفظُ السننِ بلا خلافٍ" (٧).

وعلّةُ عدمِ اشتراطِ حفظِ السنةِ النبويةِ، صعوبتُه وعسرُه (٨).

ويُشترطُ في هذا المقامِ: أنْ يتمكنَ المجتهدُ مِن استخراجِ الحديثِ مِنْ مواضعِه ومظانِّه عند الحاجة إلى ذلك (٩).

وقد ذَكَرَ أبو حامدٍ الغزالي (١٠)، والفخرُ الرازي (١١) - وهما مِن


(١) انظر: المستصفى (٢/ ٣٨٤).
(٢) انظر: المحصول في علم أصول الفقه (٦/ ٢٣).
(٣) انظر: كشف الأسرار (٤/ ١٥).
(٤) انظر: الإبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٨٩٨)، وجمع الجوامع (ص / ١١٨).
(٥) انظر: نهاية السول (٤/ ٥٥٠).
(٦) انظر: إرشاد الفحول (٢/ ١٠٣٠).
(٧) البحر المحيط (٦/ ٢٠١). وأنبه إلى أنَّ ابنَ جزي المالكي ذكر في كتابه: تقريب الوصول (ص/ ٤٣٣ - ٤٣٢) اشتراطَ حفظ أحاديث رسول الله وحفظ أسانيدها، ومعرفة الرجال الناقلين لها.
ويظهر لي أنَّ قصدَ ابن جزي بحفظ الأحاديث الاطلاعُ عليها، ومعرفة صحتها؛ بدليل: ما ذكره في آخر كلامه مِنْ أنَّ المجتهد لو لم يعرف الحديث، أفتى الناس بالقياس أو غيره، وخالف النص النبوي.
ففي تعليله إشارة إلى أنَّ قصده بالحفظ معرفةُ المجتهد للحديث؛ لئلا يفتي المجتهد بخلافه، والمعرفة تتحقق بالحفظ - وهو الأكمل - وبالتمكن من استخراج الحديث متى ما احتاج إليه المجتهد. والله أعلم.
(٨) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٠١).
(٩) انظر: نهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٢٧)، وإرشاد الفحول (٢/ ١٠٣٠).
(١٠) انظر: المستصفى (٢/ ٣٨٤).
(١١) انظر: المحصول في علم أصول الفقه (٦/ ٢٣). وقد مثل أبو القاسم الرافعي في: العزيز: شرح الوجيز (١٢/ ٤١٦) بالسنن لأبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>