للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتهادِ، فالخلافُ في اشتراطه منحصرٌ بين أصحابِ القولين: الثاني، والثالثِ.

وسأنسبُ حينَ عرضِ الأقوال في اشتراطِ معرفةِ علمِ المنطقِ القولَ لبعضِ القائلين بتحريمِ دراستِه؛ لنصِّهم على حكمِ مسألةِ: (اشتراط معرفة المنطق لبلوغ رتبة الاجتهاد) بعينِها.

اختلفتْ أنظارُ الأصوليين في هذه المسألةِ على قولين:

القول الأول: أنَّ معرفةَ علمِ المنطقِ ليستْ بشرطٍ لبلوغِ رتبةِ الاجتهادِ.

وهذا قولُ أكثرِ الأصوليين؛ إذ إنَّ أغلبَهم لم يذكرْ معرفةَ المنطقِ في شروطِ الاجتهادِ.

واختارَ هذا القولَ ابنُ دقيقٍ العيد (١)، وتقيُّ الدّينِ بنُ تيميةَ (٢)، والطوفيُّ (٣)، وجلالُ الدّينِ السيوطي (٤).

ومقتضى قولِ ابنِ القيم أنَّ علمَ المنطقِ ليس بشرطٍ لرتبةِ الاجتهادِ؛ إذ وصفه بأنَّ باطلَه أضعاف حقِّه (٥).

وإنْ كان الطوفيُّ (ت: ٧١٦ هـ) لم يشترطْه، إلا أنَّه حبّذَ للمجتهدِ معرفتَه، خصوصًا في زمنِه الذي اشتهر فيه علمُ المنطقِ (٦).

يقولُ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية: "مَنْ قال مِن المتأخرين: إنَّ تعلّمَ المنطقِ مِنْ شروطِ الاجتهادِ؛ فإنَّه يدلُّ على جهلِه بالشرعِ! وجهلِه بفائدةِ المنطقِ" (٧).

ويقولُ جلالُ الدّينِ السيوطي في معرض حديثِه عن شروطِ المجتهدِ: "أمَّا علمُ المنطقِ، فأقلُّ وأذلُّ مِنْ أنْ يُذْكَرَ" (٨).


(١) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٠٢).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٩/ ١٧٢).
(٣) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٥٨٣).
(٤) انظر: تيسير الاجتهاد (ص / ٤١).
(٥) انظر: مفتاح دار السعادة (١/ ٤٤٩) ط/ دار ابن حزم.
(٦) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٥٨٣).
(٧) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٩/ ١٧٢) بتصرف يسير.
(٨) تيسير الاجتهاد (ص/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>