للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن مناقشة دليل أصحاب القول الثاني: بأنَّ ما ذكروه مدفوعٌ بما يُعرفُ عن التلميذِ مِنْ حرصِ على ما يلقيه إمامُه، مع ما يصاحبُ ذلك مِنْ كون التلميذِ - بسبب ملازمتِه لإمامِه - أقدرَ مِنْ غيرِه على فهمِ كلامِ إمامِ المذهبِ، فيبعدُ احتمَالُ الخطأِ والتخمين، ويترجّحُ جانبُ الإصابةِ.

• الموازنة والترجيح:

بتأمّلِ القولين وما استدلا به، يظهرُ لي رجحانُ القولِ الأولِ القائلِ بصحةِ نسبةِ القولِ إلى إمام المذهبِ بناءً على ما يحكيه التلميذُ عنه؛ وذلك لما عُرِفَ عن تلامذةِ الأئمةِ مِنْ حرصِ على فهمِ أقوالِ أئمتهم، ولملازمتهم لهم، بحيثُ أصبحوا أقدر مِنْ غيرِهم على فهمِ كلامِ أئمتِهم.

• سبب الخلاف:

يظهرُ أنَّ الخلافَ عائدٌ إلى السببين الآتيين:

السبب الأول: احتمالُ الخطأِ أو الوهمِ فيما يحكيه التلميذُ عنْ إمامِه.

فمَنْ رجَّح احتمالَ الخطأِ أو الوهمِ، لم يقبلْ حكايةَ التلميذِ، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الثاني.

ومَنْ لم يرجّحْ جانبَ الخطأِ أو الوهمِ، قَبِلَ حكايةَ التلميذِ، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الأولِ.

السبب الثاني: صحةُ قياسِ حالِ التلميذِ مع إمامِه، بحالِ الصحابةِ - رضي الله عنهم - مع النبي - صلى الله عليه وسلم -:

فمَنْ صححَ القياسَ، قَبِلَ حكايةَ التلميذِ رأي إمامِه، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الأولِ.

ومَنْ لم يُصحح القياسَ، لم يقبلْ حكايةَ التلميذِ رأي إمامِه، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>