للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الكتابِ والسنةِ" (١).

فظاهرُ القولِ أنَّ الصحابةَ - رضي الله عنهم - إذا اختلفوا على قولين، وأجمعَ التابعون على أحدِهما، فإنَّ الخلافَ لا يرتفعُ؛ لأنَّه رَجَعَ إلى موافقةِ الدليلِ، ولم يرجعْ إلى إجماعِ التابعين على أحدِ القولين (٢).

مثالُ الظاهرِ الذي خالفه ما هو أقوى منه: قولُ الإمامِ أحمدَ بن حنبل في رواية المروذي: "كيفَ يجوزُ للرجلِ أنْ يقولَ: أجمعوا؟ ! إذا سمعتَهم يقولون: أجمعوا، فاتَّهمهم، لو قال: إنِّي لم أعلمْ لهم مخالفًا، جازَ" (٣).

فظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ أنَّه يمنعُ صحةَ انعقادِ الإجماعِ.

يقولُ القاضي أبو يعلى: "وليس ذلك على ظاهرِه، وإنَّما قال ذلك على طريقِ الورعِ، نحوَ أنْ يكونَ هناك خلافٌ لم يبلغْه، أو قال هذا في حقِّ مَنْ ليس له معرفة بخلافِ السلفِ؛ لأنَّه أطلقَ القولَ بصحةِ الإجماعِ في روايةِ عبدِ الله، وأبي الحارثِ" (٤).

القسم الثالث: القولُ المحتملُ لشيئين، أو أكثر على السواء.

إذا كانَ اللفظُ الواردُ في كلامِ إمامِ المذهب محتملًا لمعنيينِ أو أكثر، ولا مُرجّحَ لأحدِ المعنيين، فلا يُنسب مدلولُ القوَلِ إليه؛ لأن اللفظَ مجملٌ، ولا يسوغُ أخذُ الحكمِ مِن لفظٍ مجملٍ (٥)، وتتوقفُ نسبةُ مدلول القول على ورودِ البيانِ (٦).

فلو قالَ إمامُ المذهب مثلًا: تَعْتَدُّ المطلقةُ بالأقراء، فإنَّنا نثبتُ له القولَ - وهو اعتداد المرأة بَالأقراء - ونتوقفُ في مرادِه بالقُرْء.


(١) نقل قولَ الإمام أحمد الحسنُ بن حامد في: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٤٥)، والقاضي أبو يعلى في: العدة (٤/ ١١٠٥).
(٢) انظر: العدة (٤/ ١١٠٦).
(٣) نقل أبو يعلى قولَ الإمام أحمد في: المصدر السابق (٤/ ١٠٦٠).
(٤) المصدر السابق.
(٥) انظر: فتاوى البرزلي (١/ ١٠٨).
(٦) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>