للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني: ليس قولُ الإمامِ المنصوصِ، وقولُه المقيس عليه في منزلةٍ واحدةٍ، فاحتيجَ إلى التفريقِ بينهما بالتقييدِ في نسبةِ القولِ المقيس (١).

أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني: استدلَّ أصحابُ القولِ الثاني بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: قالَ الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (٢).

وجه الدلالة: أنّ نسبةَ القولِ إلى إمامِ المذهبِ عنْ طريقِ القياسِ، مِنْ قبيلِ القولِ بلا علمٍ، وقد نهتْ عنه الآيةُ الكريمةُ (٣).

مناقشة وجه الدلالة: لا نُسَلِّمُ شمولَ النهي في الآيةِ لحالةِ القياسِ على قولِ الإمامِ، إذا نصَّ على العلةِ، أو أومَأَ إليها؛ لأنَّ النصَّ على العلةِ يجعلها كاللفظِ العامِّ.

الدليل الثاني: أنَّ مذهبَ الإمامِ هو ما نصَّ عليه، أو دلَّ عليه بما يجري مجرى نصِّه، وليس القياسُ على قولِه بنصٍّ، ولا يجري مجراه، فمَنْ نَسَبَ إلى إمامِ المذهب شيئًا بناءً على القياسِ، كان كمَنْ نَسَبَ إلى ساكتٍ قولًا (٤).

مناقشة الدليل الثاني، نوقش الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ السكوتَ على ضربين:

الضرب الأول: سكوت في أصلِ الأشياءِ، كمَنْ لا جوابَ له، ولا فتوى عنه.

الضرب الثاني: سكوتٌ عن نطقٍ.


(١) انظر: المصدرين السابقين.
(٢) من الآية (٣٦) من سورة الإسراء.
(٣) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٣٩١)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٢٥٧)، ونظرية التخريج للدكتور نوار بن الشلي (ص/ ١٩١).
(٤) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٣٩١)، والتبصرة (ص/ ٥١٧)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>