للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الشرطُ بيّنُ الظهورِ؛ وقد تقدّم لنا الحديثُ عنْ أحوالِ ما يُورده الإمامُ في مؤلفاتِه مِنْ حيثُ دلالتُه على قولِه واختيارِه.

الشرط الرابع: معرفةُ اصطلاحِ الإمامِ، ومراتبِ ألفاظِه (١).

قد يَرِدُ في كلام إمامِ المذهبِ مصطلحٌ يدلُّ على معنى معيّنٍ، شائعٍ في وقتِه، ويخالفه المتأخرون في معناه، ويأتي الخطأُ مِنْ حملِ معنى المصطلحِ الواردِ في كلامِ الإمامِ على ما اصطلحَ عليه المتأخرون، دونَ انتباهٍ إلى اختلافِ الاصطلاحِ.

وذلك مثلُ مصطلحِ: (الكراهة) (٢)، فإنَّه يطلقُ في اصطلاحِ المتقدمين على المكروه تنزيهًا، وعلى المحرّمِ، فمَنْ لم يعرف اصطلاحَهم وَهِمَ في نسبةِ القولِ إلى الأئمةِ.

الشرط الخامس: عدمُ رجوعِ إمامِ المذهبِ عن قولِه.

ممَّا هو معلومٌ أنَّ إمامَ المذهب قد يُجددُ اجتهادَه في بعضِ المسائلِ، وقد ينشأُ عنه رجوعُه عن قولِه الأولِ، وانتقاله إلى قولٍ آخر.

فإذا وَقَفَ الناظرُ على قولٍ لأحدِ الأئمةِ مدوَّنٍ في مؤلَّفِه، واحتملَ رجوعُ الإمامِ عنْ قولِه، فلا بُدَّ مِنْ أنْ يتأكدَ مِنْ بقائِه على القولِ، وعدمِ رجوعِه عنه؛ إذ لو رَجَعَ عن القولِ لما صحّتْ نسبتُه إليه (٣)، وهذا التقريرُ بناءً على أنَّ القولَ المرجوعَ عنه لا يُنسبُ إلى قائلِه، وسيأتي الحديثُ عن هذه المسألةِ في مطلبٍ مستقلٍّ.

ويتصلُ بهذا الشرطِ: ما إذا كان لإمامِ المذهبِ أكثرُ مِنْ مؤلَّفٍ، فممَّا يتأكدُ في هذه الحالةِ النظرُ في بقيةِ مؤلفاتِه؛ ليأمنَ عدمَ رجوعِ إمامِه عنْ قولِه.


(١) انظر: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٢/ ٢٢)، وبلوغ السول لمحمد مخلوف (ص/ ٩٦).
(٢) انظر: إعلام الموقعين (٢/ ٧٥).
(٣) انظر: الواضح في أصول الفقه (٢/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>