للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمِه، ومنها: ما خُرِّجَ على قولِه أو على أصلِه، ومنها: ما هو تفقّه مِنْ أربابِ مذهبه، ولذا فلا ينسب كلُّ ما في المذهب مِنْ أحكامٍ إلى إمامِه.

وحين لا يَعْلمُ الناظرُ في كتابٍ مِنْ كتبٍ المذهبِ قولَ الإمامِ على وجهِ التعيين، فليس له أنْ ينسبَه إليه، بناءً على ما في كتَبِ المذهبِ، لكنْ له أنْ ينسبَ الحكمَ إلى المذهبِ في ضوءِ الشروطِ المبَيّنةِ في المسألةِ الثالثةِ.

وقد تقدم لنا كلامُ ابنِ القيّمِ في المسألةِ الثالثةِ في بيانِ حالِ بعضِ المدوناتِ المذهبيةِ مِنْ جهةِ اشتمالِها على أقوال مخالفةٍ لأقوالِ إمامِ المذهب.

يقولُ ابنُ حجرٍ الهيتمي (١): "لا يجوزُ أنْ يُقالَ في حكمٍ: هذا مذهبُ الشافعي، إلا إنْ عَلِمَ كونَه نصَّ على ذلك بخصوصه، أو كونه مخرَّجًا مِنْ نصوصِه، على الخلافِ في نسبةِ القولِ المخرَّجِ إليه" (٢).

ويقولُ الشيخُ محمد الأمين الشنقيطي: "يجبُ على المرءِ أنْ يتنبَّه تَنَبُّهًا تامًّا للفرقِ بين أقوالِ الإمامِ التي قالها حقًّا، وبين ما أُلحق بعدَه على قواعد مذهبِه، وما زاده المتأخرون وقتًا بعدَ وقتٍ ... فنسبةُ جميعِ ذلك للإمامِ مِن


(١) هو: أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي الأنصاري المكي، شهاب الدين أبو العباس، ولد بمحلة أبي الهيتم من أقليم الغربية بمصر سنة ٩٠٩ هـ كان شافعي المذهب، ومن كبار علمائه المحققين فيه، بل كان من أعظم علماء عصره فقهًا، بحرًا زاخرًا، زاهدًا متقللًا، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، أُذن له بالتدريس والإفتاء وهو دون العشرين، برع في علومٍ كثيرة، واستقر بمكة، لذا فأهل مكة يقدَّمون قوله على قول غيره من متأخري الشافعية، وفي سلوكه تصوف، وله أقوال شنيعة في تقي الدين بن تيمية، من مؤلفاته: تحفة المحتاج في شرح المنهاج، والفتاوى الكبرى الفقهية، والفتاوى الفقهية والحديثية، توفي بمكة سنة ٩٧٣ هـ. انظر ترجمته في: شذرات الذهب لابن العماد (١٠/ ٥٤١)، والبدر الطالع للشوكاني (ص/ ١٢٤)، وأبجد العلوم للقنوجي (ص/ ٦٦١)، وجلاء العينين للألوسي (ص/ ٤٠)، وفهرس الفهاس والأثبات للكتاني (١/ ٣٣٧)، والأعلام للزركلي (١/ ٢٣٤)، ومعجم المؤلفين لكحالة (١/ ٢٩٣).
(٢) الفتاوى الكبرى الفقهية (٤/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>