للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جاءَ مصطلحُ: (الصحيح) عند الحنابلةِ، فمرادهم به: إمَّا الصحيح عن الإمامِ أحمدَ، وإمَّا الصحيحُ عن بعضِ أصحابِه (١).

وكذلكَ القولُ فيما يتصلُ بالأصحِّ (٢)، يُستعملُ للأرجحِ لمَا وَرَدَ عن الإمامِ أحمدَ، أو عن أصحابِه.

وقد تكونُ الأفضليةُ في الأصحِّ راجعةً إلى شهرةِ القولِ، أو إلى قوةِ النقلِ، أو إلى الدليلِ.

وقد يكونُ الأصحُّ عند القائلِ، بمعنى أنَّه اختارَ القولَ (٣).

وقد سارَ الموفقُ ابنُ قدامةَ على التعبيرِ بأصحِّ الروايتين، وأصحِّ الوجهين، يقولُ المرداويُّ عن هذا الاستعمالِ: "لا تكادُ تجد ذلك إلا المذهب، وقد يكونُ المذهبُ خلافَه، ويكونُ الأصحَّ عند المصنِّفِ، أي: ابن قدامة" (٤).

وذَهَبَ بعضُ الحنابلةِ في مؤلفاتهم المذهبيةِ إلى التفرقةِ بين قولِهم: (على الأصحِّ)، وقولِهم: (في الأصحِّ):

فإذا قالوا: (على الأصحِّ)، فالمقصود: على أصحِّ الروايتين، وإذا قالوا: (في الأصحِّ)، فالمقصود: في أصحِّ الوجهين.

وقد سار على هذه التفرقةِ: ابنُ مفلحٍ في كتابِه: (الفروع) (٥)، وأبو بكرٍ الجراعي (٦)


(١) انظر: صفة الفتوى (ص/١١٣ - ١١٤)، والإنصاف (١٢/ ٢٦٦).
(٢) انظر: المصدرين السابقين.
(٣) انظر: المصدرين السابقين.
(٤) الإنصاف (١/ ٧ - ٨).
(٥) انظر: (١/ ٦).
(٦) هو: أبو بكر بن زيد بن أبي بكر بن زيد بن عمر الحسني، تقي الدين الجُراعي الصالحي، ولد بجراع من أعمال نابلس سنة ٨٢٥ هـ تقريبًا، تلقى العلم عن عدد من العلماء، كان علامةً فقيهًا من أعيان الحنابلة المتأخرين، ومن أهل الدين، وممن انتفع به: ابن قندس؛ إذ لازمه وتخرج به، وقرأ عليه في الفقه وأصوله، والفرائض والعربية والبلاغة، ولزم الجراعيُّ الاشتغال بالعلم حتى برع، ولي قضاء دمشق، وألف عددًا من الكتب المفيدة، منها: غاية المطلب في=

<<  <  ج: ص:  >  >>