للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهرُ لي أنَّ معنى الشاذّ عند الحنفيةِ والشافعيةِ والحنابلةِ: هو ما ينفردُ به أحدُ أتباعِ المذهبِ عن بقيةِ علماءِ مذهبِه، مع مخالفتِه لهم (١).

فلا بُدَّ مِن الانفرادِ، ومِن المخالفةِ؛ ليوصفَ القول بالشذوذِ.

وقد يكون وصفُ القولِ بأنَّه شاذٌّ في مذهبِ، غيرَ أنَّه ليس بشاذٍّ في مذهبٍ آخر.

أولًا: الشاذ عند المالكية:

الشاذُّ عند المالكية هو: القولُ الذي يقابلُ المشهورُ (٢).

ويُعرَّفُ الشاذ - بناءً على الخلافِ في تعريفِ المشهور - بأنَّه: ما ضعفَ دليلُه (٣).

أو: القولُ الذي لم يصدرْ عن جماعةٍ (٤).

أو: القولُ الذي لم يكثرْ قائلوه (٥).

وقد فرَّق بعضُ المالكيةِ بين مصطلحي: (الضعيف)، و (الشاذ)، بأنَّ الضعيفَ يُعتبرُ مرجوحًا حين موازنةِ الأدلةِ، أمَّا الشاذُّ فقد يكون دليلُه قويًا، إلا أنَّ صفةَ التفردِ لم تقوَ أمامَ مقابلِه، وهو المشهورُ (٦).

أمثلة الشاذ عند المالكية:

المثال الأول: يقولُ الدسوقيُّ: "يُكْرَه لشخصٍ أنْ يؤجرَ نفسَه في عملِ طاعةٍ مِن الطاعاتِ، سواء كان حجًا، أو غيره ... والقولُ الشاذُ: جوازُ ذلك" (٧).


(١) انظر: المغرب في ترتيب المعرب للمطرزي، مادة: (شذذ)، (ص/ ٢٤٦)، والمصباح المنير للفيومي، مادة: (شذذ)، (ص/ ٢٥٢).
(٢) انظر: التوضيح على جامع الأمهات لخليل (ص/ ٥٨)، ورفع العتاب والملام للفاسي (ص/ ٢٠).
(٣) انظر: كشف النقاب الحاجب (ص/ ٧٤)
(٤) انظر: رفع العتاب والملام للفاسي (ص/ ٢٠)، والبهجة في شرح التحفة للتسولي (١/ ٢٠).
(٥) انظر: أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي للدكتور محمد رياض (ص/٥٤٣).
(٦) انظر: المصدر السابق.
(٧) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٢/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>