للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومزاياه في أصولِه، وموافقتِه للدليلِ، وذكرِ مناقب إمامِه ومناقبِ أصحابِه، ونحو هذا، مع الخلو مِنْ شائبةِ التعصبِ: فلا يظهَرُ لي مانعٌ منه؛ لأنه أشبه بالتعريفِ بالمذهبِ، بشرطِ: أنْ لا يتضمّنَ حديثُه سلبَ مزايا غيرِه مِن المذاهبِ (١).

يقولُ أبو إسحاقَ الشاطبيُّ: "إذا وَقَعَ الترجيحُ بذكرِ الفضائلِ والخواصِّ والمزايا الظاهرةِ التي يشهدُ بها الكافّةُ: فلا حَرَجَ فيه، بلْ هو ممَّا لا بُدَّ منه في هذه المواطن، أعني: عند الحاجةِ إليه" (٢).

ثمَّ ساقَ الشاطبيُّ عددًا مِن الأدلةِ الدالةِ بعمومِها على التفضيلِ بذكرِ المزايا والخواص (٣)، كما في قولِه تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (٤).

خامسًا: لا يتأتَّى الحديثُ عنْ تفضيلِ مذهبٍ ما إلا مِنْ عالم ضليعٍ في علومِ الشريعةِ الإسلامية؛ لأنَّه هو القادر على معرفةِ خصائصِ المَذاهبِ ومزاياها على الوجهِ الأمثلِ.

يقولُ تقيُّ الدين بنُ تيمية: "ولا يَعْرِفُ هذا التفاضل إلا مَنْ خاضَ في تفاصيلِ العلمِ" (٥).

سادسًا: لو قيل: إنَّ الأفضلَ لمَنْ يريدُ التفقه بدراسةِ مذهب إمامٍ معيَّنٍ أنْ يتمذهبَ بالمذهبِ المنتشرِ في قُطْرِه وإقليمِه؛ لأنَّه أدْعى إلىَ ضبطِ العلم؛ لوجودِ العلماءِ الذين نخلوا مذهبَهم، فيقصرُ بهم الطريقُ على المتفقَّه: لما كان بعيدًا (٦).


(١) انظر: المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد (١/ ١٣٧).
(٢) الموافقات (٥/ ٢٩١).
(٣) انظر: المصدر السابق (٥/ ٢٩١ - ٢٩٨).
(٤) من الآية (٥٥) من سورة الإسراء.
(٥) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٠/ ٢٩٣).
(٦) انظر: سير أعلام النبلاء (٨/ ٩١ - ٩٢). وجاء في: المسودة (٢/ ٩٥٩): "أن فقيهًا قصد القاضي أبا يعلى؛ ليقرأ عليه مذهب أحمد، فسأله عن بلده؟ فأخبره، فقال له: إن أهل بلدك =

<<  <  ج: ص:  >  >>