للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ولّى كثيرٌ مِن الخلفاءِ القضاءَ عددًا مِنْ علماءِ المذاهبِ، الأمر الذي عزّز مِنْ بقاءِ المذهب في المِصْرِ الذي يتولى أربابُه القضاءَ فيه (١)، فكان فيه عونٌ عظيمٌ للمتَمذهبين في بقاءِ مذهبِهم (٢)؛ وترسيخ جذورِه، وتوسيع قاعدتِه (٣).

وقد كانَ لبعضِ المتمذهبين مكانةٌ عند الولاةِ، فكانوا يُشيرونَ عليهم باختيارِ قضاةٍ مِنْ أربابِ مذهبِهم (٤).

يقولُ الشيخُ محمد الخضري: "إذا هُيئَ لمذهبٍ مِن المذاهب مَلِكٌ، أو سلطانٌ يقلِّدُه، ويَقْصِرُ توليةَ القضاءِ على متبعيه: كان ذلك سببًا عظيمًا في انتشارِه، وازديادِ العلماءِ الذين يقومون به وبنشرِه" (٥).

ومِنْ أشهرِ الأمثلةِ لهذا السببِ:

- تولي أبي يوسفَ - صاحب الإمام أبي حنيفة - القضاءَ أيامَ الدولةِ العباسيةِ (٦)، فقد جاءَ في ترجمتِه أنَّه كانت إليه توليةُ القضاءِ في الآفاقِ مِن


(١) انظر: طبقات الشافعية لابن كثير (١/ ٢٢٥)، ونفح الطيب للمقري (٢/ ٢١)، وتاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٠٢)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (١/ ١١١)، والفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد للدكتور عبد الله الجبوري (ص/ ٤٥)، والمنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة للدكتور عبد الملك بن دهيش (ص/ ٦٨)، والمدرسة المالكية العراقية للدكتور عبد الفتاح الزنيفي (١/ ٥٥٢) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.
(٢) انظر: الفكر السامي لمحمد الحجوي (٤/ ١٦٩)، ومالك - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٦٦)، وابن حنبل - حياته وعصره له (ص/ ٣١٦)، وابن حزم - حياته وعصره له (ص/ ٢٣٤)، ومراحل تأسيس المدرسة الفقهية للدكتور مختار نصيرة (٢/ ١٣) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.
(٣) انظر: الاختلاف الفقهي لعبد العزيز الخليفي (ص/ ١٠٤).
(٤) انظر: نفح الطيب للمقري (٢/ ١٠)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور ناصر الطريفي (ص/ ١٥١).
(٥) تاريخ التشريع (ص/ ٣٢٨). وانظر: التقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ ٩٧).
(٦) يقول ابن عبد البر في: الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة (ص/ ٣٣١): "كان أبو يوسف قاضي =

<<  <  ج: ص:  >  >>