للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَبعَ شيوع التمذهبِ للأئمةِ:

- تمركزُ بعضِ المذاهب في عددٍ من الأقاليم والأقطارِ الإسلاميةِ بصورةٍ أوضح ممَّا كانت عليه (١).

- وجودُ المدارٍ التي تُعْنَى بالعلمِ الشرعي، وكان منها: المدارسُ المذهبيةُ التي تقومُ على نشْرِ علومِ المذهبِ ورعايتها (٢).

يقولُ شمسُ الدينِ الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ) بعدما ذَكَرَ عددًا مِنْ مجتهدي أوائل القرن الرابع: "ثمَّ بعدَ هذا النَمَطِ تَنَاقَصَ الاجتهادُ، ووُضِعَتْ المختصراتُ، وأخلدَ الفقهاءُ إلى التقليدِ، مِنْ غيرِ نظير في الأعلمِ، بلْ بحسبِ الاتفاقِ والتشهي والتعظيمِ والعادةِ والبلدِ" (٣).

ويقول الشيخُ مصطفى الزرقا عن الحالةِ العلميةِ في تلك الحقبةِ الزمنيةِ: "ركدتْ حركةُ الاجتهادِ، وأخلدَ الراغبونَ في الفقهِ إلى العكوتِ على مذاهبِ أولئك المجتهدين السابقين، وخاصةً منهم الأربعة" (٤).

وكانتْ جهودُ كثيرٍ من الفقهاءِ في هذه القرونِ محصورةً في دائرةِ مذهبِ إمامِهم، فلا يكادون يحيدون عنه (٥).

الأمر الثاني: القولُ بإقفالِ بابِ الاجتهادِ المطلقِ في الشريعةِ


(١) انظر: المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ٢٠٣)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور شوقي الساهي (ص/ ١٠٥).
وقد نقل تاج الدين السبكي (ت: ٧٧١ هـ) في: طبقات الشافعية الكبرى (٨/ ٣٢٠) كلامًا غير علمي في هذا الصدد، لكنه يدلُّ على ظاهرةِ تمركز المذاهب، فيقول: "قال أهل التجربة: إنَّ هذه الأقاليم: المصرية والشامية والحجازية، متى كان البلدُ فيها لغير الشافعية خَرِبَت، ومتى قدَّم سلطانُها غيرَ أصحاب الشافعي زالتْ دولتُه سريعًا، وكأنَّ هذا السرَّ جعله الله في هذه البلاد، كما جعل مثله لمالكٍ في بلاد المغرب، ولأبي حنيفة فيما وراء النهر".
(٢) انظر: ابن تيمية - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ١٢٧ - ١٢٨).
(٣) سير أعلام النبلاء (٨/ ٩١).
(٤) المدخل الفقهي العام (١/ ٢٠٣).
(٥) انظر: المدخل للفقه الإسلامي للدكتور محمد مدكور (ص/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>