للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب عن المناقشة: أجابَ شهابُ الدّينِ القرافي عن المناقشةِ، فقالَ: "إِنَّ أمرَ النقلِ خفيفٌ بالنسبةِ إِلى العملِ؛ فإِنَّه قد يكونُ المقصودُ منه الاطلاعَ على وجوه الفقهِ، والتنبيه (١) اللمداركِ، وعدم الوفاقِ، فيوجب ذلك التوقّف عن أمورٍ، والحثّ على أمورٍ" (٢).

الدليل الرابع: أنَّ في التمذهبِ بمذهبِ الصحابي والتابعي وقوعًا في التلفيقِ بين المذاهب، والانتقال بين أكثر مِنْ مذهبٍ، وهو ممنوعٌ؛ ذلك أنَّ أقوالَ الصحابي والتابعي لم تستوعبْ جميعَ الفروعِ، فليس للواحدِ منهم مِن النصوصِ ما يكفي مَنْ يُرِيدُ التمذهبَ بمذهبِه، فلا يتأتَّى الاكتفاءُ به، الأمر الَّذي يؤدّي بالمتمذهب بمذهبِ الصحابي والتابعي إِلى انتقالِه في المسائلِ الَّتي لم يجدْ فيها قولًا عنهم - وهي كثيرةٌ - إِلى غيرِه مِن المذاهبِ، وهو أمرٌ ممنوعٌ (٣).

ويمكن أن يناقش الدليل الرابع: بعدمِ التسليمِ بالمنع مِن الانتقالِ مِن المذهب إِلى غيرِه؛ ولا سيما عند وجودِ ما يدعو إِليه، فالمسَألةُ محلُّ خلافٍ بين الأَصوليين.

الدليل الخامس: لو كُلِّفَ الناسُ بالتمذهب بمذهبِ الصحابي أوالتابعي لوقعتْ عليهم مشقةٌ عظيمةٌ؛ إِذ يترتبُ عليه تعطيل معاشِهم، لذا سَقَط عنهم الأخذُ بمذهبِ الصحابي والتابعي (٤).

ويمكن أن يناقش الدليل الخامس: بأنَّ المشقةَ إِنَّما تحصلُ فيما لو قِيلَ بوجوبِ التمذهبِ بمذهبِ الصحابي والتابعي، ونحنُ لم نقلْ بالوجوبِ، ثمَّ كلامنا في غيرِ العامي الصِرْفِ.


(١) في المصدر السابق: "والمبنية"، وهو تصحيف، ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر: المصدر السابق، ونهاية السول (٤/ ٦٣٠)، والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول للإِسنوي (ص/ ٥٢٧)، والبحر المحيط (٦/ ٢٩٠)، والعواصم والقواصم لابن الوزير (٢/ ٤١٨).
(٤) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٨٩)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>