للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- "أو أحدهما"، أي: أنَّ المتمذهبَ يلتزمُ أصولَ المذهبِ دونَ فروعِه، أو فروعَه دونَ أصولِه، وبناءً على هذا القيدِ يوجد عندنا ثلاثُ صورٍ:

الصورة الأولى: التزامُ المتمذهبِ أصولَ مذهبِ إِمامِه، وفروعَه.

الصورة الثانية: التزامُ المتمذهبِ أصولَ مذهبِ إِمامِه، دونَ فروعِه.

الصورة الثالثة: التزامُ المتمذهبِ فروعَ مذهبِ إِمامِه، دونَ أصولِهِ.

وقد يكونُ التزامُ المذهبِ في كلِّ واحدةٍ مِن الصورِ آنفة الذكرِ مع عدمِ الخروجِ عنه، أو مع الخروجِ عنه إِنْ ظَهَرَ الدليلُ على خلافِ المذهبِ.

- "أو انتساب مجتهد إِليه"، هذا القيدُ للعالم الَّذي بَلَغَ رتبةَ الاجتهادِ المطلقِ، وينتسبُ إِلى مذهبٍ معيَّنٍ، دونَ التزامٍ بأصولِ المذهبِ وفروعِه، ودونَ أنْ تُؤَثِّرَ هذه النسبةُ على آرائِه الأصوليةِ والفروعية.

نستخلص مما سبق:

أولًا: أنَّ التمذهبَ قد يقعُ مِن المجتهدِ، ويقعُ مِن العالمِ الَّذي لم يبلغْ رتبةَ الاجتهادِ، ومِن المتعلمِ الَّذي ارتفعَ عن رتبةِ العامي.

ثانيًا: أنَّ محلَّ التمذهبِ في الفقهِ، وأصولِه.

ثالثًا: أنَّ التزامَ المذهبِ، والخروجَ عنه - إِنْ وُجِدَ ما يقتضي الخروجَ - لا ينافي حقيقةَ التمذهبِ، فيما ظَهَرَ لي، فالمهمُّ لوجودِ حقيقةِ التمذهبِ هو الالتزامُ بالمذهبِ في الجملةِ، فلو كان شخصٌ ما يقلِّدُ المفتين، أو العلماء مِنْ عدةِ مذاهب، فإِنَّه غيرُ متمذهبٍ، وإِنْ كان الإِطلاقُ اللغوي لا يمنعُ مِن وصفِه بالتمذهبِ (١).


(١) انظر: التمذهب دراسة تأصيلية واقعية للدكتور عبد الرَّحمن الجبرين، مجلة البحوث الإِسلامية، العدد: ٨٦ (ص/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>