للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنَّ في الأخذِ بالمذهب الفقهي لفرق المبتدعةِ - حتى لو فُرِضَ أنَّ الشخصَ يدّعي اتباعَ الراجحِ وترَكَ المرجوحِ، ومخالفتهم في الاعتقادِ - تكثيرًا لسوادِ المذهبِ البدعي؛ وفي هذا مِنْ المفسدةِ ما لا يخفى على ذي لُبّ.

الثاني: أن هناك مسائلَ أصولية مبنية على مسائل عقدية، قد يغفلُ عنها المتمذهبُ، فيقعُ في مأخذٍ عقدي مِنْ حيثُ لا يشعرُ.

إضافةً إلى كثرةِ وجودِ البدعِ العمليةِ لدى هذه المذاهبِ.

الثالث: قررَ جمعٌ من الأصوليين عدمَ الاعتدادِ بخلافِ المجتهدِ المبتدعِ (١)، وفي عدمِ الاعتدادِ بقولِه إشارةٌ إلى ضعفِ أقوالِه.

الرابع: أن محققي المذاهب الأربعة المشهورة لا يكادون يذكرونَ الأقوالَ الفقهيةَ والأصوليةَ لمذاهب أهلِ الأهواءِ، وإنْ ذُكِرَتْ، فعلى سبيلِ التنبيه، أو للردِّ عليها، فأقوالهم وَخلافُهم من بابِ الخلافِ الذي لا يُلتفتُ إليه.

يقولُ الخطيبُ البغدادي: "أمَّا الرافضةُ الذين يشتمونَ الصحابةَ، ويسبون السلفَ الصالحَ، فإنَّ فتاويهم مرذولةٌ، وأقاويلهم غيرُ مقبولةٍ" (٢).

ويقولُ شمسُ الدين الذهبي: "كالشيعةِ في الفروع، لا نَلْتَفِتُ إلى أقوالِهم، ولا ننصبُ معهم الخلافَ، ولا يُعتنى بتحصيلِ كتبِهم، ولا ندُلُّ مستفتيًا مِن العامةِ عليهم، وإذا تظاهروا بمسألةٍ معلومةٍ البطلانِ، كمسحِ الرجلين، أدَّبْنَاهم وعزرناهم، وألزمناهم بالغَسلِ جزمًا" (٣).


(١) انظر: الفصول في الأصول للجصاص (٣/ ٢٩٣)، والعدة (٤/ ١١٣٩ وما بعدها)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٣/ ٢٥٢ وما بعدها)، والبحر المحيط (٤/ ٤٦٨)، والتحبير (٤/ ١٥٥٨ وما بعدها)، وتيسير التحرير (٣/ ٢٩٣).
(٢) الفقيه والمتفقه (٢/ ٣٣٣).
(٣) سير أعلام النبلاء (١٣/ ١٠٤ - ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>