للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ شهابُ الدّينِ المرجاني: "إنَّ قولَه - أي: ابن كمال باشا - في الخصَّافِ والطحاويّ والكرخيّ: إنَّهم لا يقدرون على مخالفةِ أبي حنيفةَ لا في الأصولِ، ولا في الفروعِ: ليس بشيءٍ؛ فإنَّ ما خالفوه فيه مِن المسائل لا يعدُّ ولا يحصى، ولهم اختياراتٌ في الأصولِ والفروعِ، وأقوالٌ مستنبطةٌ بالقياسِ" (١).

ويقولُ عبد الحي اللكنوي: "عدَّه - أي: الطحاوي - ابنُ كمال باشا، وغيرُه مِن طبقةِ مَنْ يقدرُ على الاجتهادِ في المسائلِ التي لا روايةَ فيها، ولا يقدرُ على مخالفةِ المذهبِ لا في الفروعِ ولا في الأصولِ، وهو منظورٌ فيه؛ فإنَّ له درجةً عاليةً، ورتبةً شامخةً، قد خالفَ بها صاحبَ المذهبِ في كثيرٍ مِنْ الأصولِ والفروعِ، ومَنْ طَالعَ: (شرحَ معاني الآثار)، وغيرَه مِنْ مصنفاتِه، يجدْه يختارُ خلافَ ما اختاره صاحبُ المذهب كثيرًا، إذا كان الدليلُ عليه قويًّا، فالحقُّ أنَّه مِن المجتهدين المنتسبين" (٢).

ثالثًا: اعتيرَ بعضُ الحنفيةِ عدَّ ابن كمال باشا الجصاص الرازيَّ مِن المقلِّدين الذين لا يقدرون على الاجتهادِ أصلًا، تنزيلًا له عن مكانتِه الرفيعةِ، فإنَّ باعَه ممتدةٌ في الفقهِ وأصولِه، ومؤلفاتُه الفقهيةُ والأصوليةُ شاهدةٌ على هذه المكانةِ (٣).

وقد التمسَ شهابُ الدّينِ المرجاني عذرًا لابنِ كمال في ذلك؛ بأنَّه


(١) ناظورة الحق للمرجاني (ص/ ١٠٩)، ملحق بكتاب حسن التقاضي للكوثري. وانظر: رسالة في بيان الكتب التي يعول عليها لمحمد المطيعي (ص/٩٣).
(٢) التعليقات السنية على الفوائد البهية (ص/ ٤١ - ٤٢). وانظر: المصدر السابق (ص/ ١٤٠)، وعمدة الرعاية للكنوي (١/ ٩).
(٣) انظر: ناظورة الحق للمرجاني (ص/ ١١٠)، ملحق بكتاب حسن التقاضي للكوثري، والتعليقات السنية على الفوائد البهية للكنوي (ص/ ٣٦)، وعمدة الرعاية له (١/ ٩)، وإرشاد أهل الملة لمحمد المطيعي (ص/ ٢٥٤ - ٢٥٥)، ورسالة في بيان الكتب التي يعول عليها له (ص/ ٩٤)، وأبو حنيفة - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٨٧)، والوجيز في أصول الاستنباط للدكتور محمد الفرفور (٢/ ٥٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>