للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى الاتجاهِ الأول: يُعَدُّ تقليدًا، وعلى الاتجاهِ الثاني: لا يُعَدُّ تقليدًا.

وقبلَ عرضِ التعريفاتِ، أُبيّنُ أنَّ هناك مسائلَ اختُلفَ في دخولِها تحتَ حقيقةِ التقليدِ، وعلى رأسها: العملُ بقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، هل يُسمَّى تقليدًا (١)؟ والأخذُ بقولِ المجمعين (٢)، والأخذُ بقولِ الصحابي (٣)، وأخذُ القاضي بقولِ الشهودِ (٤)، هل يُسمَّى - ما تقدم - تقليدًا؟

ونظرًا لأنَّ المقامَ ليس مقامَ عرضٍ للخلافِ في المسألةِ، فإنِّي سأسيرُ على القولِ المشهورِ - وهو قولُ الأكثرِ (٥) - وهو أنَّ الأخذَ بما تقدّمَ ذكرُه آنفًا ليس بتقليدٍ.

من التعريفاتِ التي سارتْ في الاتجاه الأول:

التعريفُ الأولُ: قبولُ قولِ القائلِ، وأنتَ لا تدري مِنْ أين قاله؟

وهذا تعريفُ القفالِ الشاشي (٦)، وقد ذكره إمامُ الحرمين الجويني في


(١) انظر: المصدر السابق، وسلاسل الذهب (ص/ ٤٣٩).
(٢) انظر: العدة (٤/ ١٢١٦)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٩٥).
(٣) انظر: التحبير (٨/ ٤٠١٣).
(٤) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٢٢١).
(٥) انظر: العدة (٤/ ١٢١٦)، وقواطع الأدلة (٥/ ٩٧ - ٩٨)، والمنخول (ص/ ٤٧٢)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٩٥)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٢٢١)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (٢/ ١٢٤٨)، والبحر المحيط (٦/ ٢٧١)، وسلاسل الذهب (ص/ ٤٣٩)، ومسلم الثبوت (٢/ ٤٠٠).
(٦) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٧٠). والقفال الشاشي هو: عبد الله بن أحمد بن عبد الله المروزي الخراساني، أبو بكر، المعروف بالقفال الشاشي، ولد سنة ٣٢٧ هـ من كبار علماء الشافعية، وشيخ الخراسانين وإمام طريقتهم، كان وحيد عصره فقهًا وحفظًا، وورعًا وزهدًا، غواصًا على المعاني الدقيقة، جليل القدر، وأحد أئمة زمنه، له في مذهبه من الآثار ما ليس لغيره من أبناء عصره، صار معتمد المذهب، وكان قد بدأ بالتفقه وهو ابن ثلاثين عامًا، اشتغل عليه خلقٌ كثير، وانتفعوا به، من مؤلفاته: شرح التلخيص، وشرح فروع أبي بكر بن الحداد، والفتاوى، توفي سنة ٤١٧ هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان (٣/ ٤٦)، وسير أعلام النبلاء (١٧/ ٤٠٥)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٥/ ٥٣)، وطبقات =

<<  <  ج: ص:  >  >>