للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاجتهادُ في هذه الطبقة داخلٌ حدودِ مذهبٍ معيّنٍ (١).

ولا يجتهدُ المخرِّجُ إلا فيما لم يَرِدْ بشأنِه نصٌّ عن إمامِه، أما ما وَرَدَ فيه عنْ إمامِه نصٌّ، فلا يَسَعه إلا الأخذ بقولِ إمامِه، وبهذا خالفوا أربابَ الطبقةِ الأُولى، فإنهم يجتهدون فيما اجتهدَ فيه إمامُهم، وقد يخالفونه (٢).

ومِنْ شأنِ المجتهدِ في هذه الطبقة أنْ يكونَ مطلِّعًا على قواعدِ إمامِه، محيطًا بأصولِه، مستوعبًا لها، عارفًا بمآخذِه التي يستند إليها (٣)، قادرًا على إقامةِ الأدلةِ على أقوالِه (٤)، وهو وإنْ لم يبلغْ رتبةَ المجتهدين اجتهادًا مطلقًا، إلا أنَّه ليس بمقلِّدٍ تقليدًا محضًا، بل هو صاحبُ نظرٍ واستدلالٍ وبَصَرٍ في الأصولِ، وخبرةٍ تامَّةٍ في الفروعِ، وله محلٌّ رفيعٌ في العلمِ، وقَدَمٌ راسخةٌ في المذهبِ (٥).

ويُسَمّى أربابُ هذه الطبقة بالمجتهدين في المذهبِ (٦)، وبالمخرَّجين (٧).

ويبيّنُ الشريفُ التلمسانيُّ (٨) عملَ فقيه هذه الطبقة بمثالٍ توضيحي،


(١) انظر: الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٣٧١).
(٢) انظر: تخريج الفروع على الأصول لعثمان شوشان (١/ ٣٩٠ - ٣٩١).
(٣) انظر: المعيار المعرب للونشريسي (١١/ ٣٦٥)، ومختصر الفوائد المكية للسقاف (ص/ ٤٣).
(٤) انظر: الاختلاف الفقهي لعبد العزيز الخليفي (ص/ ١٢٩).
(٥) إرشاد أهل الملة لمحمد المطيعي (ص/٢٤٨).
(٦) انظر: جمع الجوامع (٢/ ٣٨٤)، مع شرحه البدر الطالع لجلال الدين المحلي، وسلم الوصول لمحمد المطيعي (٤/ ٥٧٩)، والاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ٣٦٧).
(٧) انظر: عِقْد الجِيْد للدهلوي (ص/ ١٧).
(٨) هو: محمد بن أحمد بن علي بن يحيى بن محمد الشريف الإدريسي الحسني، أبو عبد الله، ويُعْرَف بالشريف التلمساني، ولد سنة ٧١٠ هـ وقيل: ٧١٦ هـ كان علامةً فقيهًا محققًا نظارًا أصوليًّا متفننًا، ذا وجاهة وقدر ومهابة، أمينًا مأمونًا، إمام مالكية في وقته، له اليد الطولى في معرفة الخلافيات، وقد وصفه الخطيبُ ابنُ مرزوق بالاجتهاد المطلق، تولى قضاء غرناطة، من مؤلفاته: مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، ومثار الغلط في الأدلة، وشرح =

<<  <  ج: ص:  >  >>