للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعريفُ الثاني: قبولُ قولِ الغيرِ مِنْ غيرِ حجةٍ.

ذَكَرَ إمامُ الحرمين الجويني هذا التعريف في كتابِه: (البرهان) (١).

وقريبٌ منه تعريفُ أبي حامدٍ الغزالي؛ إذ عرَّفه بأنَّه: "قبولُ قولٍ، بلا حجةٍ" (٢).

وقريبٌ منهما تعريفُ الآمدي، إذ عرَّفَ التقليدَ بأنَّه: "العملُ بقولِ الغيرِ مِنْ غيرِ حجةٍ ملزمةٍ" (٣)، وقالَ عقيبه: "وعلى هذا، فرجوعُ العامي إلى قولِ المفتي لا يكونُ تقليدًا؛ لعدمِ عُرُوّهِ عن الحجةِ الملزمةِ" (٤).

وأنبّه إلى أنَّ بعضَ مَنْ سارَ مع أصحاب الاتجاه الثاني - كالموفقِ ابنِ قدامةَ؛ إذ عرَّفَ التقليدَ بأنَّه "قبولُ قولِ الغيرِ مِنْ غيرِ حجةٍ" (٥) - لم يقصدْ ما أرادَه أصحابُ الاتجاه الثاني، بلْ أرادَ المعنى الذي سار عليه أصحابُ الاتجاهِ الأولِ، وهو شمولُ التقليدِ لأخذِ العامي قولَ المجتهدِ (٦)، فيكونُ معنى تعريفِهم قبولَ قولِ الغيرِ مِنْ غيرِ أنْ تَعْرِفَ حجتَه (٧).

وقد أشارَ بعضُ الأصوليين: كالآمدي (٨)، وابنِ الحاجبِ (٩)، وابنِ الساعاتي (١٠)،


(١) انظر: (٢/ ٨٨٨).
(٢) المستصفى (٢/ ٤٦٢).
(٣) الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٢٢١).
(٤) المصدر السابق، بتصرف.
(٥) روضة الناظر (٣/ ١٠١٧).
(٦) انظر: المصدر السابق (٣/ ١٠١٨)، وأصول الفقه للدكتور عياض السلمي (ص/ ٤٧٧).
(٧) انظر: قواطع الأدلة (٥/ ٩٨ - ٩٩).
(٨) انظر: الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٢٢١).
(٩) انظر: مختصر منتهى السول (٢/ ١٢٤٩).
(١٠) انظر: نهاية الوصول (٢/ ٦٨٩). وابن الساعاتي هو: أحمد بن علي بن تغلب بن أبي الضياء البغدادى البعلبكي الأصل، أبو الضياء مظفر الدين، وقيل: أبو العباس، المعروف بابن الساعاتي، ولد ببعلبك سنة ٦٥١ هـ من علماء الحنفية، كان إمامًا علامةً كبيرًا حافظًا متقنًا متفننًا، عارفًا بالمنقول والمعقول، فصيحًا بليغًا قوي الذكاء، أقر له شيوخه بأنَّه فارس جواد في ميدانه، من مؤلفاته: بديع النظام الجامع بين أصول البزدوي والإحكام، ومجمع البحرين في الفقه، وشرح مجمع البحرين، توفي سنة ٦٩٤ هـ. انظر ترجمته في: الجواهر المضية =

<<  <  ج: ص:  >  >>