للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ بدرُ الدِّينِ الزركشي: "ادَّعى الآمديُّ، وابنُ الحاجب أنَّه (١) يجوزُ قبلَ العملِ، لا (٢) بعده بالاتفاقِ، وليس كما قالا! ففي كلامِ غيرِهما ما يقتضي جريان الخلافِ بعد العملِ أيضًا" (٣).

وحَمَلَ الشيخُ علويّ السقاف الاتفاقَ المحكي آنفًا على ما إذا بَقِيَ مِنْ آثارِ القول ما يلزمُ منه مع الثاني تركيبُ حقيقةٍ واحدةٍ مركبةٍ لا يقولُ بها كلٌّ مِنْ الإمامين (٤).

والظاهرُ اختصاصُ الاتفاقِ - على فرضِ التسليمِ به - بالعامي (٥)؛ لأنَّ المتمذهبَ قد يظهرُ له رجحانُ غيرِ مذهبِه، بخلافِ العامي، فليس لديه أهليةُ معرفةِ الراجحِ (٦).

وأيضًا: فمِن الأقوالِ في المسألةِ قولُ مَنْ يجعلُ المتمذهبَ كالعامي، فيجوزُ له الخروج من مذهبِه قبلَ العملِ، لا بعده.

• الأقوال في المسألة:

اختلفَ الأصوليون في خروجِ المتمذهبِ عن مذهبِه على أقوال، أشهرها:

القول الأول: لا يجوزُ للمتمذهبِ أنْ يأخذَ بغيرِ مذهبِه.

نَسَبَ أبو المحاسنِ بنُ تيميةَ هذا القولَ إلى بعضِ الحنابلةِ، وبعضِ الشافعيةِ (٧).


(١) وقع في: المصدر السابق: "أنه لا يجوز"، وإضافة "لا" خطأٌ يخل بالمعنى.
(٢) وقع في: المصدر السابق: "ولا بعده"، وإضافة الواو خطأٌ يخل بالمعنى.
(٣) المصدر السابق. وانظر: الدر الفريد لأحمد الحموي (ص/ ١٠٠ - ١٠٢).
(٤) انظر: الفوائد المكية (ص/ ٨٥).
(٥) انظر: تشنيف المسامع (٤/ ٦٢٠).
(٦) انظر: البحر المحيط (٦/ ٣٢٤).
(٧) انظر: المسودة (٢/ ٨٦٥). ومن أعجب ما وقفت عليه من القائلين بهذا القول، ما نقله صالح المقبلي في: العَلَم الشامخ (ص/٢٨٨) عن بعض المفتين من أهل مكة أن المنتقل عن مذهبه بحجة وبرهان يجب تعزيره! فكيف المنتقل بلا حجة وبرهان؟ !
ومنشأ هذا القول التعصب المذهبي الشديد، وينبغي أنْ لا يلتفت إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>