للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أَخْذُها على سبيلِ التلهي، كلعبِ الحنفي بالشِّطرنجِ (١) على رأي الشافعيةِ؛ قصدًا إِلى اللهوِ.

يقولُ عبدُ العلي الأنصاري عن الحالةِ السابقةِ: "ولعل هذا حرامٌ بالإِجماعِ؛ لأنَّ التلهيَّ حرامٌ بالنصوصِ القاطعةِ" (٢).

ويؤكِّدُ المنعَ السابق: أنَّه لا حاجةَ - فضلًا عن الضرووةِ - إِلى التلهي؛ ليترخصَ المكلّفُ بأقوالِ العلماءِ.

والظاهرُ مِنْ حكايةِ الاتفاقِ شموله لتتبعِ الرخصِ للتلهي، وللأخذِ برخصةٍ واحدةٍ؛ للتلهي.

ثانيًا: اتفقَ العلماءُ على أنَّه ليسَ لأحدٍ أنْ يعتقدَ الشيءَ واجبًا أو حرامًا، ثمَّ يعتقدَ أنَّه غيرُ واجبٍ أو غير حرامٍ؛ كل ذلك بمجرّدِ الهوى والتشهي (٣).

يقولُ ابنُ حزمٍ: "اتفقوا على أنَّه لا يحلُّ لمفتٍ ولا لقاضٍ أنْ يحكمَ بما يشتهي ... في قصةٍ (٤)، وبما اشتهى ممَّا يخالفُ ذلك الحكم في أخرى مثلِها، وإِنْ كانَ كلا القولينِ ممَّا قالَ به جماعةٌ مِن العلماءِ، ما لم يكنْ ذلك لرجوعٍ عن خطأٍ لاحَ له إِلى صوابٍ بانَ له" (٥).

ويقولُ أيضًا: "اتفقوا على أنَّ طلبَ رُخَصِ كلِّ تأويلٍ بلا كتابٍ ولا سنةٍ فسقٌ، لا يحلُّ" (٦).


(١) الشِّطْرَنْج - بكسر الشين، وبفتحها، وكسرها أجود، والسيق لغة فيه -: لعبة معروفة، مأخوذة من الشِّطارة، أو من التشطير، أو هي لفظ فارسي معرَّب. انظر: لسان العرب، مادة: (شطر)، (٢/ ٣٠٨)، والمصباح المنير للفيومي، مادة: (شطر)، (ص/ ٢٥٧)، والقاموس المحيط، مادة: (شطر)، (ص/ ٢٥٠)، وتاج العروس، مادة: (شطر)، (٦/ ٦٣).
(٢) فواتح الرحموت (٢/ ٤٠٦). وانظر: سلم الوصول لمحمد المطيعي (٤/ ٦١٩).
(٣) انظر: الموافقات (٥/ ٩١)، ومعيد النعم ومبيد النقم لابن السبكي (ص/ ١٠٢)، والتحفة في شرح البهجة للتسولي (١/ ٢١ - ٢٢).
(٤) لعل الصواب: "قضية".
(٥) مراتب الإِجماع (ص/ ٨٧).
(٦) المصدر السابق (ص/ ٢٧١). وانظر: الموافقات (٥/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>