للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب عن الوجه الثاني: أجيب عنه من وجهين:

الأول: أنَّ للإِجماعِ المذكورِ مستندًا مِنْ أقوالِ السلفِ، أمَّا ما جاءَ عن العز بنِ عبد السلام - على فرضِ ثبوتِ القولِ بالجوازِ عنه - فإِنَّه لم يبيّنْ مستندًا لقولِه (١).

وأيضًا: هو محجوجٌ بالإِجماعِ المنعقدِ قبلَ قولِه (٢).

الثاني: لا يستلزمُ عدمُ تفسيقِ متتبع الرخصِ القول بجوازِ تتبّعِ الرخصِ؛ ويكون حالُه كحالِ مرتكبِ الصغيرةِ (٣).

الوجه الثالث: يُحْمَلُ الإِجماعُ المحكي على منعِ تتبعِ الرخصِ مِنْ غيرِ تقليدٍ لمَنْ قالَ بها، أو على الرّخصِ المركبه في الفعلِ الواحدِ الَّذي لا يقولُ بمجموعِه مجتهدٌ (٤).

ويمكن الجواب عن الوجه الثالث: بانَّ ما ذكروه في مناقشتِهم صَرْفٌ للإِجماعِ عن ظاهرِه بلا قرينةٍ، وهذا مردودٌ.

الدليل الثاني: أن للهَ تعالى أَمَرَ بالردِّ إِليه وإِلى رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (٥)، وتتبعُ الإِنسانِ للرخصِ مضادٌّ للرجوع إِلى الله تعالى وإِلى رسولِه - صلى الله عليه وسلم - (٦).


(١) انظر: المعيار المعرب للونشريسي (١٢/ ٣١)، وفتح العلي المالك لعليش (١/ ٧٩).
(٢) انظر: فتح العلي المالك لعليش (١/ ٧٩).
(٣) انظر: حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج للرملي (١/ ٧٤)، وحاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٤٠٠).
(٤) انظر: التقرير والتحبير (٣/ ٣٥١)، وفواتح الرحموت (٢/ ٤٠٦)، وحاشية العطار على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٤٤٢).
(٥) من الآية (٥٩) من سورة النساء.
(٦) انظر: الموافقات (٥/ ٨٢)، والتقليد والإِفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص / ١٦٧)، وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١١٥٤)، والأخذ بالرخص الشرعية له، مجلة مجمع الفقه الإِسلامي، العدد: الثامن (١/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>