للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح مرتين، وهو على حسب ما تعارفه الناس.

قلنا: قد قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: " تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور " ونسب إلى الإمام مالك رضي الله عنه وغيره من الأئمة بعده أنهم قالوا: " يحدث للناس فتاوى بقدر ما أحدثوا من الفجور ". فلما ظهر في الناس بعد عهد النور والهداية التشاغل عن الأمور الدينية أحدث العلماء هذا التثويب لمزيد التنبيه إلى الصلاة التى هى عماد الدين ورأس السعادة في الدارين. قال في "الهداية": وهذا التثويب أحدثه علماء الكوفة بعد عهد الصحابة رضي الله عنهم لتغير أحوال الناس وخصوا الفجر به؛ لأنَّه وقت نوم وغفلة، والمتأخرون استحسنوه في الصلوات كلها لظهور التهاون في الأمور الدينية. قال أبو يوسف رحمه الله:

لا أرى بأسًا يأن يقول المؤذن في الصلوات كلها السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حيّ على الصلاة حيّ على الفلح الصلاة يرحمك الله. واستبعده محمد، لأن الناس سواسية في أمر الجماعة، وأبو يوسف خصهم بذلك لزيادة اشتغالهم بأمور المسلمين كي لا تفوتهم الجماعة، وعلى هذا القاضى والمفتى. انتهى.

ويستأنس له بما روى من طرق عدة أن بلالًا رضي الله عنه كان يجئ بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الأذانين ويؤذنه بالصلاة، وأنكره على وابن عمر رضي الله عنهما لعدم وجود توان إذ ذاك، فلم تكن إليه حاجة وبالجملة لا يلزم من إنكار بعض الصحابة أمرًا وعده إياه من المحدثات أن يكون كذلك.

وإن لم يكن من الصحابة النكير على ما حدث في عهدهم فهو من البدع المستحسنة أو من سنتهم المأمور باتباعها -فمن ذلك الأذان على الزوراء على ما سيأتي بيانه- ومن ذلك تعدد صلاة العيد في مصر وأحد. قال الإمام ابن تممية في "منهاج السنة": أحدث على بن أبى طالب رضي الله عنه في خلافته العيد الثانى بالجامع، فإن السنة المعروفة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان أنه لا يصلى في الحضر إلَّا جمعة واحدة ولا يصلى يوم النحر والفطر إلَّا عيد واحد، فلما كان عهده قيل له: إن بالبلد ضعفاء لا يستطيعون الخروج إلى المصلى فاستخلف عليهم رجلًا

<<  <   >  >>