للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تغير، " تصدق رجل " خبر بمعنى الأمر، وهو أبلغ لدلالته على الوقوع، أي ليتصدق، "كومين" بفتح الكاف وضمها، قال ابن السراج: هو بالضم اسم لما كوم، وبالفتحم المرة الواحدة، قال: والكومة بالضم الصبرة، والكوم العظيم من كل شيء، والكوم المكان المرتفع كالرابية، والفتح هنا أولى؛ لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية، " يتهلل " يستنير ويضيء فرحًا وسرورًا بمبادرة أصحابه إلى الامتثال، ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين، " مذهبة " بضم الميم وسكون الذال وفتح الهاء والباء ومعناه فضة مذهبة (والمراد الصفاء والاستنارة).

" من سن في الإسلام سنة حسنة ": بأن دعا لفعلها بقول أو فعل أو أعان عليها أو فعلها فاقتدى به في فعلها، وكذا يقال في " سن سنة سيئة ".

فدل على أن السنة هاهنا مثل ما فعل ذلك الصحابى حيث أتى بتلك الصُّرَّة فانفتح بسببه باب الصَّدقة على الوجه الأبلغ والصَّدقة مشروعة بالاتفاق، فظهر أن المراد منه من عمل ورجع هذا إلى حديث: " من أحيا سنة قد أميتت بعدي فإن له من الأجر … " الحديث فكأنها كانت سنة نائمة أيقظها رضى الله عنه بفعله فليس معناه: من اخترع سنة ولم تكن ثابتة.

(الوجه الثانى): أن قوله: " من سن سنة حسنة "، " ومن سن سنة سيئة " لا يمكن حمله على الاختراع؛ لأن كون السنة حسنة أو سيئة لا يعرف إلَّا من جهة الشرع؛ لأن التحسين والتقبيح مختص بالشرع لا مدخل للعقل فيه وهو مذهب أهل السنة والجماعة وإنما يقول بالتحسين والتقبيح بالعقل المبتدعة فلزم أن تكون السنة في الحديث إما حسنة في الشرع وإما قبيحة بالشرع، فلا يصدق إلَّا على الصدقة المذكورة وما أشبهها من السنن المشروعة وتبقى السنة السيئة منزلة على المعاصى التى ثبت بالشرع كونها معاصى كالقتل المنبه عليه في حديث ابن آدم حيث قال عليه الصلاة والسلام: " لأنَّه أول من سن القتل " ومنزلة على البدع؛ لأنَّه قد ثبت ذمها والنهى عنها بالشرع كما تقدم.

وحاصل الجواب الثاني: أن الحديث حجة على المبتدع لا له المكانة قوله: "حسنة" مع العلم بأنا المحسن هو الشرع، فقد وجد في الحديث معنى يعود على فهم المبتدع بالإبطال، فوجب حمل " سن " على "عمل" أو أحيا دون " اخترع ". ثم قال:

<<  <   >  >>