للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نص من كتاب ولا سنة ولم يوجد من الأصول العامة ما يأباه ولو عرض على العقول السليمة لتلقته بالقبول ولم يكن من قسم العبادات، فهذا لا شك في استحسانه وبالله تعالى التوفيق.

(الشبهة الثالثة): أذان عثمان رضي الله عنه وذلك أنه لم يكن في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذان بالزوراء -موضع بسوق المدينة ودار تسمى بذلك- بل كانوا يؤذنون على باب المسجد يوم الجمعة واستمر الأمر على ذلك إلى خلافة عثمان رضي الله عنه فزاد أذان الزوراء وهو اختراع لم يكن وأقره الصحابة على ذلك، فكيف تذمون كل مخترع؟.

(فنقول): إن الأذان الذى زاده عثمان لم يخرج به عن مقصود الشارع منه إذ الأذان بالصلاة هو الإعلام بها بالألفاظ المخصوصة بدون زيادة ولا نقص، فالذى

يأتي بألفاظ لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو يضع الأذان في موضع يخرجه عن المقصود منه من الإعلام هو المبتدع. أما الذى يحافظ على الأذان بألفاظه ولا يخرج به عن الأعلام فلا شيء عليه إذا أتى به على سطح أو مشرفة أو منارة أو غير ذلك. وقد كان الأذان بالجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واحدًا كغيره من الأوقات الأخرى يقوله المؤذن إذا صعد الخطيب المنبر، وكذا في عهد أبى بكر وعمر، فلما كان زمن عثمان وحدثت الحاجة بكثرة المسلمين وعدم تبكيرهم إلى المسجد على نحو ما كانوا يفعلون في زمن من قبله أمر أن يؤذن بهم للجمعة على الزوراء وأبقى ما كان من الأذان على باب المسجد عند جلوس الإمام على المنبر على حاله إبقاء للعبادة كما كانت. روى البخاري وأبو داود والنسائى عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: " كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء ولم يكن للنبي -صلى الله عليه وسلم- غير مؤذن واحد فثبت الأمر على ذلك ".

وأطلقوا عليه الثالث؛ لأنَّه ثالث بالنسبة إلى حدوثه بعد الأذانين المشروعين وهو أول بالنسبة لتقدمه في العمل على الأذان والإقامة المشروعين

<<  <   >  >>