للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو ما يستحسنه المجتهد بعقله ويميل إليه برأيه، وإن كان مستقبحًا عند غيره. قال الآمدى في " الأحكام " ما ملخصه:

إن هذا المعنى لا يصلح موضعًا للنزاع لاتفاق الأُمهَ قبل ظهور المخالفين على امتناع حكم المجتهد في شرع الله تعالى بشهوته وهواه من غير دليل شرعى، ولا فرق في ذلك بين المجتهد والعامى، ومنهم من عرفه بأنه: (دليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته): أي يعسر عليه التعبير عنه وقد اعترضه الآمدى أيضًا بأنه إن تردد فيه بين أن يكون دليلًا، محققًا أو وهمًا فاسدًا فلا خلاف في امتناع التمسك به، أي إن كان بمعنى أنه مؤد إلى الشك فيه فباطل أن يكون دليلًا وإن تحقق أنه دليل شرعى فلا نزاع في جواز التمسك به أيضًا، وإنما النزاع في تخصيصه باسم الاستحسان عند العجز عن التعبير عنه ولا حاصل للنزاع اللفظى، من فسره بأنه: (العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى) كما في العتب فإنه قد ثبت تحريم بيعه بالزبيب سواء كان على رءوس الشجر أم لا قياسًا على الرطب. ثم إن الشارع أرخص في جواز بيع الرطب على رءوس النخل بالتمر فقسنا عليه العنب وتركنا القياس الأول لكون الثانى أقوى، فلما اجتمع في الثانى القوة والاضطرار كان استحسانًا، أو بأنه: (تخصيص قياس بدليل أقوى منه) وهو قريب ممَّا قبله، ومثاله إيجاب صاع من التمر في لبن المصراة، فإن عِلَّة إيجاب المثل في المثليات المتلفة تماثل الأجزاء، والشرع لم ينقض هذه العِلَّة، لكن استثنى هذه الصورة. فهذا الاستثناء لا يفسد هذه العلة، بل تبقى في غير محل الاستثناء، وصورة المسألة: اشترى المصراة وحلبها فوجدها قتيلة اللَّبن ليس له أن يردها عندنا، وعند الإمام الشافعى وغيره له ردها مع اللَّبن

لو قائمًا أو مع صاع تمر لو هالكًا (فهو) يرجع إلى العمل بالراجح وترك المرجوح وهذا لا ينكره أحد حتى نفاة الاستحسان .. إلى أن قال: ولم يبق إلَّا التفسير بأنه (العدول عن حكم الدليل إلى العادة) للمصلحة كدخول الحمام من غير تعيين زمن المكث، ومقدار الماء أو الأجرة فإنه معتاد على خلاف الدليك العام؛ لأنَّه غرر والقياس يأباه لوروده على إتلاف العين مع الجهالة، وكذا شرب الماء من السقاء من غير

<<  <   >  >>