للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك نصوا أيضًا على أن أحاديث الترغيب والترهيب لا يشترط في نقلها للاعتماد صحة الإسناد، بل إن كان ذلك فبها ونعمت، وإلَّا فلا حرج على من نقلها واستند إليها، فقد فعله الأئمة كمالك في " الموطأ "، وابن المبارك في رقائقه، وأحمد بن حنبل في رقائقه، وسفيان قى " جامع الخير " وغيرهم. فكل ما في هذا النوع من المنقولات راجع إلي الترغيب والترهيب وإذا جاز اعتماد مثله جاز فيما كان نحوه مما يرجع إليه كصلاة

الرغائب والمعراج وليلة النصف من شعبان وليلة أول جمعة من رجب وصلاة الإيمان والأسبوع وصلاة بر الوالدين ويوم عاشوراء وصيام رجب والسابع والعشرين منه "ما أشبه ذلك فإن جميعها راجع إلى الترغيب في العمل الصالح. فالصلاة على الجملة ثابت أصلها، وكذلك الصيام وقيام الليل، كل ذلك راجع إلى خير نقلت فضيلته على الخصوص وإذا ثبت هذا فكل ما نقلت فضيلته في الأحاديث فهو من باب الترغيب، فلا يلزم فيه شهادة أهل الحديث بصحة الإسناد بخلاف الأحكام فإنه قد اشترط في أحاديثها صحة الإسناد.

فالجواب: إن ما ذكره علماء الحديث من التساهل في أحاديث الترغيب والترهيب لا ينتظم مع مسألتنا المفروضة، وبيانه أن العمل التكلم فيه إما أن يكون منصوصًا على أصله جملة وتفصيلًا أو لا يكون منصوصًا عليه لا جملة ولا تفصيلًا أو يكون منصوصًا عليه جملة لا تفصيلًا، فالأول لا إشكال في صحته كالصلوات المفروضات والنوافل المرتبة لأسباب وغيرها، وكالصيام المفروض أو المندوب على الوجه المعروف إذا فعلت على الوجه الذى نص عليه من غير زيادة ولا نقصان، كصيام عاشوراء أو يوم عرفة والوتر بعد نوافاق الليل وصلاة الكسوف. فالنص جاء في هذه الأشياء صحيحًا على ما شرطوا فثبتت أحكامها من الفرض والسنة والاستحباب، فإذا ورد في مثلها أحاديث ترغيب فيها أو تحذير من ترك الفرض منها وليست بالغة مبلغ الصحة ولا هى أيضًا من الضعف بحيث لا يقبلها أحد أو كانت موضوعة ليلا يصح الاستشهاد بها فلا بأس بذكرها في مقام الترغيب والترهيب بعد ثبوت أصلها من طريق صحيح.

والثانى ظاهر أنه غير صحيح وهو عين البدعة، الأنه لا يرجع إلَّا لمجرد

<<  <   >  >>