ومساقه يفيد له مزية في الرتبة، وذلك راجع إلى الحكم.
فإذًا هذا الترغيب الخاص يقتضى مرتبة في نوع من المندوب خاصة، فلابد من رجوع إثبات الحكم إلى الأحاديث الصحيحة بناء على قولهم:(إن الأحكام لا تثبت إلا من طريق صحيح) والبدع المستدل عليها بغير الصحيح لابد فيها من الزيادة على المشروعات كالتقييد بزمان أو عدد أو كيفية ما. فيلزم أن تكون أحكام تلك الزيادات ثابتة بغير الصحيح وهذا ناقض لما أسسه العلماء.
ولا يقال إنهم يريدون أحكام الوجوب والتحريم فقط لأنا نقول هذا تحكم من غير دليل، بل الأحكام خمسة فكما لا يثبت الوجوب إلَّا بالصحيح، فإذا ثبت الحكم فاستسهل أن يثبت في أحاديث الترغيب والترهيب. ولا عليك فعلى كل تقدير كل ما رغب فيه إن ثبت حكمه أو مرتبته في المشروعات من طريق صحيح فالترغيب فيه بغير الصحيح مغتفر، وإن لم يثبت إلّا من حديث الترغيب فاشترط الصحة أبدًا إلَّا خرجت عن طريق القوم المعدودين في أهل الرسوخ، فلقد غلط في هذا المقام جماعة ممن ينسب إلى الفقه، وأصل هذا الغلط عدم فهم كلام المحدثين في الموضعين وبالله التوفيق. انتهى.
ومن ذلك علمت أن قولهم:(الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال) ليس على إطلاقه بصواب، فإنهم إن أرادوا أن الضعيف يعمل به في إثبات الأعمال الفاضلة شرعًا فغير صحيح عند الراسخين في العلم، وإن أرادوا أنه يعمل به في الترغيب فيها مثلًا فهو صحيح لكن بعد أن تكون تلك الأعمال الخاصة قد ثبتت أحكامها من طريق صحيح عند المحدثين، والبدعة التى نحن بصددها ليست كذلك حتى يقال له ذلك فاحفظه فإنه نفيس.
وهنا نذكر لك ما شرطه المحدثون لجواز العمل بالضعيف في الترغيب والترهيب. قال الحافظ السخاوى في " القول البديع " بعد ذكر المسألة: وخلاف القاضى أبى بكر بن العربى فيها إذ جزم بعدم جواز العمل بالضعيف مطلقًا، قال: وقد سمعت شيخنا (أي الحافظ بن حجر) مرارًا يقول وكتبه لي بخطه أن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة:
(الأول): متفق عليه أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.
(الثاني): أن يكون مندرجًا تحت أصل عام فيخرج ما يخترع