للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنهى عند عدم القبول والانتفاع، ففى سنن أبى داود وابن ماجه والترمذى عن أبى ثعلبة الخشنى أنه قيل له: كيف تقول في هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (١) قال: سألت عنها خبيرًا، أما والله لقد سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "بل ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحًّا مطاعًا وهوًى متبعًا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذى رأى برأيه فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام".

ثم إن كان المأمور به والمنهى عنه من الأمور الظاهرة التى يعرفها العامة والخاصة وجب الأمر والنهى عليهما جميعًا كترك الصلاة وشرب الخمر والفطر في رمضان وإلَّا اختص بالعلماء أو بمن عرفه من العامة وامتنع على غيرهما.

ثم محل الإنكار ما أجمع عليه كأكل الرِّبا، ولعب القمار، وشهادة الزور، وتبرج النساء في الطرقات، وتناول المسكرات والمخدرات. أما المختلف فيه فلا إنكار فيه كالنكاح بلا ولى وتناول ميراث ذوى الأرحام، والأخذ بشفعة الجوار، وترك البسملة في الصلاة أجازها الحنفية، وكأكل الضب والضبع. ومتروك التسمية أجازها الشافعية، فمن ارتكبه فلا يحل الإنكار عليه؛ لأن على أحد المذهبين كل مجتهد مصيب، وهو المختار عند كثير من المحققين، وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطئ غير متعين لنا والإثم مرفوع عنه، لكن إن ندبه يرفق ولين إلى الخروج من الخلاف على جهة النصيحة فهو حسن لاتفاق العلماء على الحث على الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع في خلاف آخر.

نعم إذا كان الفاعل للمختلف فيه يعتقد حرمته أنكر عليه، كشافعى ترك القراءة خلف الإمام، وهو يخبر أنه يعتقد حرمته، وكذا ينكر على من فعل مختلفًا فيه خالف النص الظاهر أو الإجماع أو القياس الجلى كنكاح المتعة ووطء المطلقة ثلاثًا بلفظ واحد بدون أن تنكح زوجًا آخر (والمندوب) يندب الأمر به والمكروه يستحب النهى عنه.

قال الإمام الغزالى في "الإحياء": فإن قلت: إذا كان لا يعترض على الحنفى في النكاح بلا ولى لأنَّه يرى أنه حق فينبغى ألَّا يعترض على المعتزلى في قوله: إن الله لا يُرى، وقوله: إن الخير من الله والشر ليس من الله، وقوله:

<<  <   >  >>