يشتمل على نياحة أعنى تعداد محاسن الميت وذكر مفاخره، فظاهر أن القرآن لم ينزل للإعلام بموت
العلماء، وإن كان القصد من التبرير الإخبار بأن هذا الميت من الأبرار الذين يشربرون من كأس، إلى آخره، قلنا: فلم اتخذ شعارًا لخصوص العلماء حتى فهمت العامة أن الأبرار هم العلماء خاصة؟ ولم لم يعمل هذا للأولياء المتقين والشجعان المجاهدين، والأسخياء المحسنين، والولاة العادلين؟
وعلى الجملة فمثار هذه البدعة ما كانت تفعله الجاهلية من النعى، كانوا يرسلون من يعلم بموته على أبواب الدور والأسواق، قال في "سبل السلام": من النعى المنهى عنه النعى من أعلى المنارات في هذه الأعصار في موت العلماء. اهـ.
ونذكر لك في هذا الفصل من بدع المساجد ما وقع من الابتداع في الأذان يوم الجمعة، فنقول: إن الثابت فيه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما أسلفناه لك كان أذانًا واحدًا يؤذنه بلال رضي الله عنه على باب مسجده صلى الله عليه وآله وسلم وبعد جلوسه عليه الصلاة والسلام على المنبر وبين يديه صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أخرج أبو داود من طريق محمد بن إسحاق عن الزهرى عن السائب بن يزيد قال:"كان يؤذن بين يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبى بكر وعمر، فلما كان خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك". فهذا الحديث عين مكان الأذان المذكور وهو كونه على باب المسجد. ومعنى كونه بين يديه: أي في مقابلة الوجه؛ لأن باب المسجد يكون غالبًا مستقبل المنبر أو معناه عند حضوره وصعوده على المنبر لا قبل ذلك.
ثم إن الغرض من هذا الأذان أمران:
(الأول): الإعلام بدخول الوقت لصلاة الجمعة، ولذا كان على باب المسجد ليكمل هذا الغرض.
(الثانى): الإعلام يقرب شروع الخطيب في الخطبة لينصت الناس ويتركوا الكلام، وهذا سر كونه بين يديه، وكونه بعد جلوس الخطيب، كونه على باب