المسجد لا فوق سطح المسجد، وهذا الغرض هو ما يقصد من الإقامة فإنها للإعلام بالدخول فيها.
ثم لما كثر الناس بالمدينة رأى عثمان رضي الله عنه أن الغرض الأول من الأذان لم يقع على الوجه الأتم فأحدث الأذان الثالث وهو الأول وقوعًا، وسمى ثالثًا لكونه
مزيدًا على الأذان والإقامة فإنها أذان وإعلام، وأمر بفعله على الزوراء وأقره على ذلك الصحابة فكان إجماعًا سكوتيًّا، فهذا أول ما وقع في الأذان ممَّا لم يكن في عهده صلى الله عليه وآله وسلم، وهو وإن كان محدثًا بعده صلى الله عليه وآله وسلم لكنه سنة الخلفاء الراشدين (ثم) إن عثمان رضي الله عنه أبقى الأذان الثانى على ما كان عليه ولكن صار الغرض منه خصوص الإعلام بقرب شروع الخطيب في الخطبة لينصت الناس.
ثم حدث بعد ذلك بدعتان:
(الأولى): جعل هذا الأذان قريبًا من المنبر كما يفعل الآن.
(والثانية): الزيادة في هذا الأذان الثانى على واحد حيث أتى بمؤذن ثان يؤذن على الدكة كالمجيب للأول.
أما البدعة الأولى: فأول من أحدثها هشام بن عبد الملك، والصواب أنها بدعة مكروهة والذى فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدون بعده هو السنة وحده، والاتباع خير من الابتداع. كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا زالت الشمس خرج فرقى المنبر فأذن المؤذن على الباب … إلخ ما تقدم، قال ابن رشد: الأذان بين يدى الإمام في الجمعة مكروه لأنَّه محدث.
أما البدعة الثانية: أي الإتيان بمؤذن ثان داخل المسجد فلم يدع إليها داع لكفاية واحد في غرض هذا الأذان فهى مذمومة مكروهة. قال العلامة أبو شامة في كتاب "الباعث": وأما الأذان بين يدى الخطيب بعد صعوده على المنبر فلا ينبغى أن يكون إلَّا من واحد لأنَّه لإقامة الشعار والإعلام بصعود الخطيب المنبر لإنصات الحاضرين والسنة فيه إفراد المؤذن.
ومن البدع ما يقع عقب هذا الأذان عند المنبر ممَّا يسمى بالترقية وهو تلاوة آية {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ … }(١) ثم حديث: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب: أنصت فقد لغوت" رواه البخارى.